وإذا كان معاوية قد تولى الشام من قبل عمر ، وإذا كان قد موّه على الناس في قضية قتل عثمان ، وألقى في الناس الشبهات الكثيرة حولها ، حتى استطاع أن يقود جيشا ليحارب في صفين أعظم رجل بعد الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله».
وإذا كان قد استغل قضية التحكيم ، وأضفى على خلافته نوعا من الشرعية المزورة ، التي يمكن تضليل العوام والسذج بواستطها ، ـ إذا كان كل ذلك ـ فإن من الطبيعي أن يستطيع معاوية الذي وصل إلى الحكم في مثل تلك الظروف الغامضة ، أن يصوّر الحسين بن علي «عليه السلام» بعد قتله على أنه باغ وطاغ وطامع ، تحركه المصالح الشخصية ، بل وحتى خارج عن الإسلام ، والعياذ بالله.
ولسوف يتمكن عن طريق الأخطبوط الأموي المتغلغل في مختلف البلاد ، والذي استطاع أن يضع العراقيل في طريق علي «عليه السلام» ، وغيره من الأئمة الطاهرين ، لسوف يتمكن من استغلال تلك الظروف الخاصة ، في الحجاز ، والعراق ، وفي الشام ، أبشع استغلال ، ولا سيما بالنسبة لأهل الشام ، الذين ما كان يمكنهم إدراك واقع ما يجري وما يحدث إلا عن طريق الجهاز الأموي نفسه.
يضاف إلى ذلك كله :
أنه قد كان ثمة في عهد الخلفاء قبل علي «عليه السلام» ، ولأهداف سياسية معينة ، حصار مضروب على كبار الصحابة ، فلم تتح لهم الفرصة ليتفرقوا في البلاد ، وينشروا تعاليم النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» على حقيقتها ، بل حصروهم في المدينة مدة طويلة ، ومن استطاع منهم الإفلات