على مثل رأيه ، فوجم القوم لذلك طويلا ، فقال يومئذ لأهل الحلقة رجل من حجر يقال له عبد الله بن جويبر : قد طال منذ اليوم صماتكم ، فحلوا حباكم (١) ثم الحقوا برحالكم ، وأبرموا أمركم ، فقام القوم عند ذلك ، فألّب بعضهم بعضا ، وكان من يمشي في ذلك ويدعو إليه مقسم بن بجرة التّجيبي ، فبدأ بابن أبي الكنود سعد بن مالك ، فدعاه إلى أن يتولى أمر الخارجة ، ويطلب بدم عثمان ، فأجابه بطلب دم عثمان ، وكره الولاية ، فقال مقسم (٢) : فمعاوية بن حديج يلي ذلك ، فإنه من قد عرفتم ، فقال : قد رضيت به ، فخرج مقسم ، فأتى خارجة بن حذافة العبدي (٣) ، فأجابه إلى نصر عثمان وكره الولاية ، فدعا مقسم إلى معاوية بن حديج فرضي به ، ثم أتى مسلمة بن مخلّد ، فدعاه إلى أن يتولى الطلب بدم عثمان فقال مسلمة : ليس بمصر من قومي من يشد ظهري ، ولا امرؤ أعزّ به إن أردت ذلك ، ولكنّي أجيبكم إلى طلب دم عثمان ، فقال مقسم : فابن خديج يلي ذلك ، فإنه من قد عرفت ، فرضي به مسلمة بن مخلّد ، ثم خرج مقسم ، فأتى حمزة بن يشرح بن عبد كلال ، فعرض عليه ما عرض على القوم من الولاية ، فأبى وأجاب إلى الطلب بدم عثمان.
فاستوسق أمر القوم ، فخرج معاوية بن حديج وهم معه إلى جنان بن حبشي فولوا ابن حديج أمرهم ، فساروا نحو الصعيد حتى إخميم فأخبروا بخيل لأهل مصر ، فبعث عليها حيّان (٤) بن مرثد الأبذوي (٥) فالتقوا بدقياس (٦) من كورة البهنسا فقتلوا وأسروا.
وقد تقدم باقي القصة في ترجمة عثمان بن عفّان.
أخبرنا أبو عبد الله الفراوي ، وأبو المظفّر بن القشيري ، قالا : أنا أبو سعد الجنزرودي ، أنا أبو عمرو بن حمدان.
ح وأخبرتنا أم المجتبى بنت ناصر قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر ابن القمرى.
__________________
(١) حباكم جمع حبوة ، والحبوة الثوب الذي يحتبى به.
(٢) في «ز» : مقاسم.
(٣) كذا بالأصل «العبدي» وفي د ، و «ز» ، وم : السهمي ، وكتب على هامش «ز» ، ود : وصوابه : «العبدي» والذي في الرواية المتقدمة : السهمي.
(٤) بالأصل وبقية النسخ : حبان ، والمثبت عن الرواية المتقدمة.
(٥) أعجمت عن الاكمال ٢ / ٣١١.
(٦) كذا رسمها بالأصل والنسخ ، والذي في معجم البلدان : دقاتش : موضع بصعيد مصر من كورة البهنسا.