عامر (١) ، نا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر بنت المسور.
إن المسور احتكر طعاما ، فرأى سحابا من سحاب الخريف فكرهه ، فلمّا أصبح جاء إلى السوق فقال : من جاءني ولّيته ، فبلغ ذلك عمر ، فأتاه بالسوق ، فقال : أجبنت (٢) يا مسور؟ قال : لا والله يا أمير المؤمنين ، ولكني رأيت سحابا من سحاب الخريف فكرهته ، فكرهت ما ينفع الناس ، فكرهت أن أربح فيه ، أو أردت أن لا أربح فيه ، فقال عمر : جزاك الله خيرا.
قال : ونا عبد الله بن جعفر ، عن أم بكر قد قال مرة إن المسور ـ وقال مرة : عن المسور ـ.
إن المسور خرج تاجرا إلى سوق ذي المجاز أو عكاظ ، فإذا رجل من الأنصار يؤم الناس أرتّ (٣) أو ألثغ فأخّره ، وقدم رجلا فغضب الرجل المؤخر ، فأتى عمر ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن المسور أخّرني وقدّم رجلا ، فغضب عمر وجعل يقول : وا عجبا لك يا مسور ، وجعل يرسل إلى بيته.
فلما قدم المسور أخبر بذلك ، فأتاه ، فلمّا رآه طالعا قال : وا عجبا لك يا مسور ، فقال : لا تعجل يا أمير المؤمنين ، فو الله ما أردت إلّا الخير ، قال : وأيّ الخير في هذا؟ فقال : إنّ سوق عكاظ أو ذي المجاز اجتمع فيها ناس كثير عامتهم لم يسمع القرآن ، وكان الرجل أرت أو ألثغ ، فخشيت أن يتفرقوا بالقرآن على لسانه ، فأخّرته ، وقدّمت رجلا عربيا بيّنا ، فقال عمر : جزاك الله خيرا.
أخبرنا أبو البركات الأنماطي ، أنا أبو الفضل بن خيرون ، أنا أبو القاسم بن بشران ، أنا أبو علي بن الصّوّاف ، نا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة ، نا هاشم بن محمّد الهلالي ، نا الهيثم ابن عدي ، نا ابن جريج عن الزهري قال :
كان الذين يتفقهون بالمدينة بعد الصحابة : السّائب بن يزيد ابن أخت نمر الكندي (٤) ، والمسور بن مخرمة الزهري ، وعبد الرّحمن بن حاطب بن أبي بلتعة حليف بني أسد بن عبد
__________________
(١) من طريقه رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (حوادث سنة ٦١ ـ ٨٠) ص ٢٤٥.
(٢) كذا بالأصل وبقية النسخ ، وفي تاريخ الإسلام : أجننت يا مسور.
(٣) الأرت : الألثغ.
(٤) ترجمته في تهذيب الكمال ٧ / ٤٣.