أخص الأهل (١) وجدير بالذكر أن المنصور ، دعا طبيبه إلى اعتناق الإسلام ، فرفض الطبيب وقال : أنا دين آبائى أموت ، وحيث يكون آبائى أحب أن أكون إما فى الجنة أو فى جهنم (٢).
على كل قدر المنصور طبيبه أحسن تقدير ، وأهداه ثلاث جوار روميات مع منحة قدرها ثلاثة آلاف دينار ، ولما مرض هذا الطبيب زاره المنصور ، وأمر بحمله إلى دار العامة ، ووافق على رغبته فى العودة إلى بلده ، وأنفذ معه خادما ، ومنحه عشرة آلاف دينار واتخذ المنصور من بعده عيسى بن شهلانا طبيبا خاصا له بعد أن وقف على مهارته (٣) لكن هذا الطبيب استغل صلته الوثيقة بالخلافة ، وآذى بنى قومه من النصارى ، فلم يقبل المنصور منه ذلك ، وعاقبه ونفاه (٤).
ووفد على الرشيد الطبيب بختيشوع بن جيورجيس من أطباء جنديسابور ، فأكرمه وخلع عليه خلعة سنية ، ووهب له مالا وأخيرا جعله رئيس الأطباء ودخل ابنه جبريل فى خدمة البرامكة ، ومما يجدر ذكره أن جبريل هذا عالج الأمين والمأمون ، وكانت رواتبه سبعمائة ألف وأربعة وثلاثين درهم سنويا ، وأحصى ما ربحه من الرشيد فكان ثلاثمائه ألف وثمانين مليونا من الدراهم (٥).
ومن أساتذة الطب فى عهد الرشيد يوحنا بن ماسوية النصرانى السريانى ولاه الرشيد ترجمة الكتب الطبية القديمة ، وكان موضع تقدير الناس فى بغداد ، وله مصنفات قيمة ، وكان يعقد مجالس علمية يتناول فيها خلاصة معرفته ، وقد وفد إليه طلاب العلم للإستفادة من علمه ، والاستزادة من معرفته (٦).
كما عالج بختيشوع بن جبريل المأمون والمعتصم والواثق (٧) وجالسهم ونادمهم ونال منهم العطايا السنية ، وصنف كتبا فى الطب.
__________________
(١) Hitti : Hist ,of the Arabs p.٣٦٣.
(٢) ابن أبى اصبيعة : عيون الأنباء فى طبقات الأطباء ج ١ ص ١٢٥.
(٣) ابن العبرى : تاريخ مختصر الدول ص ٢١٥.
(٤) المصدر السابق ج ٢١٥.
(٥) المصدر السابق ص ٢٢٦.
(٦) القفطى : إخبار العلماء بأخبار العلماء ص ٧١ ـ ٧٢.
(٧) المصدر السابق ص ٩٩ ـ ١٠٠.