(ب) المواكب والأعياد والمواسم
فاقت مواكب العباسيين مواكب الأمويين ، وتميزت بالروعة والبهاء ، وكان رجال الحرس يصحبون الخليفة المهدى فى موكبه مرتدين الأزياء الفخمة وبأيديهم الأسلحة ، ولكن الرشيد والمأمون كثيرا ما كانا يفضلان البساطة (١).
تجلت روعة مواكب الخلفاء العباسيين فى الجمع والأعياد ، فكان موكب الخليفة يتقدمه الغلمان ـ أى رجال الحرس على اختلاف طبقاتهم ـ يحملون الأعلام والمقارع وآلات الموسيقى المحلاة بالذهب ، ثم يليهم أمراء البيت العباسى على الخيول المطهمة ، ثم الخليفة ممتطيا جوادا ناصع البياض وبين يديه الأشراف وكبار رجال الدولة ، ويأتى بعدهم بقية الغلمان ، وكان الخليفة فى تلك المواكب يلبس القباء الأسود الذى يصل إلى الركبه ، ويتمتطق بمنطقة مرصعة بالجواهر ، ويتخذ عباءة سوداء ويلبس قلنسوة ، وقد زينت بجوهرة ثمينة ، وبيده قضيب رسول الله والخاتم. وتتدلى على صدره سلسلة ذهبية مرصعة بالجواهر الثمينة. أما القباء فكان مفتوحا عند الرقبة (٢).
وتجلت مظاهر الخلفاء العباسيين الخاصة التى تدل على سيادتهم الروحية فى مواكبهم المتجهة من بغداد إلى الحجاز للحج ، فحينما خرج المنصور فى إحدى السنوات للحج ، اجتمع حشد كبير من أهل العراق وخراسان وغيرهم من المتجهين لأداء فريضة الحج فى باب الكوفة ، وكل معه إبله ومؤوتنه ومتاعه ، واجتمع هناك فريق من الجند لحراسة الحجيج فى حلهم وترحالهم ، وسار الموكب وفى طليعته هو أوج تظلها قباب من الديباج ، وفيها يقيم أمر الحج ، ثم أذن للحج بالمسير ، فضرب بوق إيذانا بركوب الخليفة ، وجلس فى هودج وفى يده قضيب الخلافة ، وفى الأخرى الخاتم ، وعليه جبه وشى من فوقها بردة خضراء للرسول ، وبصحبه جماعة من الأمراء ورجال الدولة ، ومن خلفهم الإبل التى يركبها أهل بيته ، ولهم حرس خاص بهم يحملون الرايات السواد ، فلما وقف
__________________
(١) سيد أمير على : مختصر العرب ص ٣٨٦ ـ ٣٨٧.
(٢) سيد أمير على : مختصر تاريخ العرب ص ٣٨٧.