ومن أبرز الأطباء النصارى فى بغداد سهل بن سابور ، ومن أطباء المأمون جبريل الكحال ، وكان يتقاضى راتبا شهريا قدره ألف درهم ، وكان أول من يدخل إليه فى كل يوم (١) ، كان سلموية عالما بصناعة الطب وعالج المعتصم مرضه ، وبلغ من اعتزاز المعتصم به أن هذا الطبيب لما توفى قال المعتصم : سألحق به لأنه كان يمسك حياتى ، ويدير جسمى وامتنع عن الطعام فى ذلك اليوم بل أمر بإحضار جنازته إلى قصره ، وأن يصلى عليه بالشمع والبخور وفقا للرسوم الجنائزية المتبعة عند المسيحيين (٢).
كذلك شغل أهل الذمة فى بغداد ، وظائف التنجيم لمعرفتهم بأمور الكواكب والنجوم ، ومن أبرز من عمل هذا المجال ، ما شاء الله اليهودى الذى كان منجما للمنصور ، وكان أوحد زمانه فى رصد النجوم (٣) وكان للخليفة المهدى منجم نصرانى يسمى توفيل بن توما ، وبلغ من ثقته به أن جعله رئيس منجميه ، وصنف وترجم بعض الكتب فى هذا المجال (٤) ، وكان سند بن على ـ وهو يهودى ـ منجما للمأمون ، ودخل فى الإسلام ، وهو فى جملة الراصدين ، ثم أهلته كفاءته إلى أن أصبح على الأرصاد كلها (٥).
أندمج أهل الذمة فى المجتمع العربى فى بغداد ولم يقتصر نشاطهم على الترجمة أو الأشتغال بالطب والفلك بل أنكبوا على دراسة اللغة العربية وآدابها ، وصنف رجال منهم كناب أدبية مثل حبيب أبو رائطة التكريتى والجاثليق طيثماوس ، وعرف أيضا من شعراء وأدباء النصارى أبو قابوس ، وانقطع إلى البرامكة ، واشتهر كذلك عيسى بن فرخنشاه ـ وكان من
__________________
(١) ابن العبرى : تاريخ مختصر الدول ص ٢٣٩.
(٢) المصدر السابق ٢٤٠ ، ٢٤٣.
(٣) ابن النديم : الفهرست ص ٣٣٩.
(٤) ابن العبرى : تاريخ مختصر الدول ص ٢٢٠.
(٥) ابن النديم : الفهرست ص ٣٤٠.