زجاج. ويفرق ذلك على الناس ، ويخلع عليهم خلع الوشى المنسوجة ، وأوقد بين يديه فى تلك الليلة شمع العنبر ، وأحضر نساء بنى هاشم ، فكان يؤدى إلى كل واحدة منهن كيس فيه دنانير وكيس فيه دراهم وصينية كبيرة فضة فيها طيب ، ويخلع عليها خلع وشى ، وبلغت النفقة فى هذا العرس خمسين ألف ألف درهم (١).
ولما دخل المأمون ببوران أمهرها بمائة ألف دينار وخمسة آلاف ألف درهم ، وفى احتفال العرس نثرت عليها جدتها ألف درة فى صينية ذهب ، فأمر المأمون أن تجمع ، فجمعها فى الطبق ، ووضعها فى حجر بوران ولبى جميع طلباتها ، وألبستها السيدة زبيدة قميصا مرصعا باللؤلؤ (٢) ، وأوقد فى تلك الليلة شمعة عنبر فيها أربعون فى إناء ذهب ، وأقام المأمون عند الحسن بن سهل سبعة عشر يوما يعد الحسن له فى كل يوم ولخاصته ما يحتاجون إليه ، وخلع الحسن على القواد على مراتبهم ، ووصلهم وكانت النفقة عليهم خمسين ألف ألف درهم وأمر المأمون بعد انصرافه أن يدفع للحسن عشرة ألاف دينار من مال فارس ، وأقطعه الصلح ، ففرق الحسن الأموال على قواده وأصحابه وخدمه وحشمه ، ولما انحدر المأمون ناحية واسط فرش له حصير من ذهب ، ونثر عليه جوهر كثير ، فجعل بياض الدريشرق على صفوة الذهب ، ولم يسسمه أحد ، فوجه الحسن إلى المأمون هذا النثار. فدعا المأمون من حوله من بنات الخلفاء إلى أخذ هذا النثار ، فأخذت كل واحدة منهن درة ، وبقى من بقى من الدر على الحصير الذهب (٣). ونثر الحسن فى ذلك من الأموال ـ كما يقول المسعودى (٤) ـ ما لم ينثره ولم يفعله ملك قط فى جاهلية ولا إسلام. وذلك أنه نثر على الهاشميين والقواد والكتاب والوجوه بنادق مسك فيها رقاع بأسماء ضياع وأسماء جوار ، فكانت البندقة إذا
__________________
(١) الشايستى : الديارات ص ١٠٠.
(٢) ابن طيفور : مناقب بغداد ص ١٠٢.
(٣) ابن الساعى : لسان الخلفاء ص ٦٧ ـ ، ٧٠
(٤) مروج الذهب : ج ٢ ص ٢٤٤ ـ ، ٢٤٥