كان التنجيم شائعا فى بغداد فى العصر العباسى الأول ، حتى أن الخليفة المنصور استشار المنجمين بشأن مشروعه فى تأسيس مدينة بغداد ، فبشروه بعمرانها وطول بقائها ، وكان أول خليفة قرب المنجمين وعمل بأحكام النجوم (١).
وبلغ من اعتقاد الخليفة المنصور بالتنجيم أن توبخت ـ منجم المنصور ـ بشر المنصور أثناء الحرب بينه وبين إبراهيم بن الحسن العلوى. بأن إبراهيم يقتل ، وتصادف وقوع هذا الحدث ، فأقطع المنصور منجمه ألفى جريب ، ويذكر صاحب كتاب البداية والنهاية أن هذا المنجم إن كان قد أصاب فى قضية واحدة فقط أخطأ فى أشياء كثيرة. وقد كان المنصور فى ضلال مع منجمه هذا ، وقد ورث الملوك اعتقاد أقوال المنجمين ، وذلك ضلال لا يجوز (٢).
وكان يحيى بن خالد البرمكى من أعلم الناس بالنجوم (٣) ، ولما خص الفضل ابن سهل بالمأمون ، وتبين نجابته ودلته النجوم ـ طبقا لما ذكره الجهشيارى (٤) ـ على أنه يلى الخلافة استوزر الفضل بن سهل ، وفوضه أمور دولته حتى غلب عليه (٥).
وكانت احتفالات الزواج فى بغداد تتم فى شئ كثير من الأبهة والعظمة فحينما تزوج الرشيد من السيدة زبيدة أعد لها صناديق الجوهر والحلى والتيجان والأكاليل وقباب الفضة والذهب والطيب والكسوة ، وأعطاها ثوبا منقطع النظير فى الفخامة ، وفى صدرها وظهرها قصان ياقوت أحمر وباقيها من الدر الكبار الذى ليس مثله (٦) ، ودخل الرشيد بها فى قصره المعروف بالخلد سنة ١٦٥ ه ، وأتاه الناس من الآفاق لتهنئته ، وفرق فيهم من الأموال شيئا عظيما ، فكانت الدنانير تحمل فى كؤوس فضة والدراهم فى كؤوس ذهب ، والمسلك والعنبر فى أوعية
__________________
(١) المسعودى : مروج الذهب ج ٢ ص ٥٥٤.
(٢) الجهشيارى : الوزراء والكتاب ص ٢٤٩.
(٣) ابن كثير : البداية والنهاية ج ١٠ ص ٩٤.
(٤) الجهشيارى : الوزراء والكتاب ص ٢٤٩.
(٥) الوزراء والكتاب ص ٢٧٩.
(٦) المصدر السابق ص ٢٨٠.