وقعت فى يد الرجل فتحها فقر أما فيها فيجد على قدر إقباله وسعوده فيها ، فيمضى إلى الوكيل الذى نصب لذلك ، فيقال له ضيعة يقال لها فلانة فى ناحية كذا وجارية يقالها فلانة ، ودابة صفتها كذا ، ثم نثر بعد ذفك على الناس الدنانير والدراهم وبعض العنبر. وعاد المأمون إلى بغداد وأقام مع زوجته فى القصر الحسنى الذى كان لأبيها (١).
* * *
كان لباس العباسيين منذ قيام دولتهم اللون الأسود ، فلما ولى المأمون الخلافة. أمر الناس بلبس اللون الأخضر ولم يكن أحد يدخل عليه إلا فى الخضرة ، علي أن بنى هاشم عارضوا هذا العمل ، وقالوا له : يا أمير المؤمنين : تركت لباس أهل بيتك ودولتهم. ولبست الخضرة ، وتكلم فى ذلك نواد أهل خراسان والناس جميعا. فاستجاب المأمون لهذه النداءات ، ودعا بخلعة سوداء ولبسها ، وكساها لطاهر بن الحسين ، وخلع على عدد من قواده أقبية وقلانس سوداء ، فلما خرجوا من عنده مرتدين السواد ، طرح سائر القواد الخضرة ولبسوا السواد (٢).
كان المنصور يأمر أهل بيته بحسن الهيئة وإظهار النعمة وبلزوم الوشى والطيب ، فإن رأى أحدا لا يلتزم بذلك عاتبه ، وكان يشدد عليهم بضرورة الإكثار من الطيب (٣) وشابه المهدى أباه فى الحرص على حسن مظهر رجاله حتى أن سلم كان يأتى بابه على برذون قيمته عشرة آلاف درهم والسرج واللجام المزينين وعليه لباس الخز والوشى ورائحة المسك العالية والطيب تفوح منه ، ويجئ مروان بن أبى حفصة ـ من رواد المهدى ـ إليه وعليه فروكبش وقميص صوف وعمامة صوف وكساء غليظ (٤).
__________________
(١) ابن طيفور : مناقب بغداد ص ، ١٠٢
(٢) المصدر السابق ص ، ١٠
(٣) الطبرى : تاريخ الأمم والملوك حوادث سنة ١٥٨ ه.
(٤) الأصفهانى ـ كتاب الأغانى ج ١٠ ص ، ٧٠