على بيتهم ، فيسقط منها الشيء فتأخذه الأيتام ، فمنعهم المنافق ، فأبى عليه المنافق ، فجاء أبو الدحداح وقال : يا رسول الله أنا أشتري النخلة التي في الجنة بهذه ، وحذف مفعولي أعطى ، إذ المقصود الثناء على المعطى دون تعرض للمعطى والعطية. وظاهره بذل المال في واجب ومندوب ومكرمة. وقال قتادة : أعطى حق الله. وقال ابن زيد : أنفق ماله في سبيل الله. (وَاتَّقى) ، قال ابن عباس : اتقى الله. وقال مجاهد : واتقى البخل. وقال قتادة : واتقى ما نهي عنه. (وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) ، صفة تأنيث الأحسن. فقال ابن عباس وعكرمة وجماعة : هي الحلف في الدنيا الوارد به وعد الله تعالى. وقال مجاهد والحسن وجماعة : الجنة. وقال جماعة : الثواب. وقال السلمي وغيره : لا إله إلا الله.
(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) : أي نهيئه للحالة التي هي أيسر عليه وأهون وذلك في الدنيا والآخرة. وقابل أعطى ببخل ، واتقى باستغنى ، لأنه زهد فيما عند الله بقوله : (وَاسْتَغْنى) ، (لِلْعُسْرى) ، وهي الحالة السيئة في الدنيا والآخرة. وقال الزمخشري : فسنخذله ونمنعه الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شيء عليه وأشد كقوله : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ، كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ) (١) ، إذ سمى طريقة الخير باليسرى لأن عاقبتها اليسر ، وطريقة الشر العسرى لأن عاقبتها العسر ، أو أراد بهما طريقي الجنة والنار ، أي فسنهديهما في الآخرة للطريقين. انتهى ، وفي أول كلامه دسيسة الاعتزال. وجاء (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) على سبيل المقابلة لقوله : (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) ، والعسرى لا تيسير فيها ، وقد يراد بالتيسير التهيئة ، وذلك يكون في اليسرى والعسرى. (وَما يُغْنِي) : يجوز أن تكون ما نافية واستفهامية ، أي : وأي شيء يغني عنه ماله؟ و (إِذا تَرَدَّى) : تفعل من الرّدى ، أي هلك ، قاله مجاهد ، وقال قتادة وأبو صالح : تردى في جهنم : أي سقط من حافاتها. وقال قوم : تردى بأكفانه ، من الردى ، وقال مالك بن الذئب :
وخطا بأطراف الأسنة مضجعي |
|
وردا على عينيّ فضل ردائيا |
وقال آخر :
نصيبك مما تجمع الدهر كله |
|
ردا آن تلوي فيهما وحنوط |
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) : التعريف بالسبيل ومنحهم الإدراك ، كما قال تعالى : (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) (٢). وقال الزمخشري : إن الإرشاد إلى الحق واجب علينا بنصب الدلائل
__________________
(١) سورة الأنعام : ٦ / ١٢٥.
(٢) سورة النحل : ١٦ / ٩.