هو عارضها. وقيل : المعنى لا يزكي بعضكم بعضا تزكية السمعة أو المدح للدنيا ، أو تزكية بالقطع. وأما التزكية لإثبات الحقوق فجائزة للضرورة.
والجنين : ما كان في البطن ، فإذا خرج سمي ولدا أو سقطا. وقوله : (فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ) تنبيه على كمال العلم والقدرة ، فإن بطن الأم في غاية الظلمة ، ومن علم حاله وهو مجنّ ، لا يخفى عليه حاله وهو ظاهر. (بِمَنِ اتَّقى) : قيل الشرك. وقال علي : عمل حسنة وارعوى عن معصية.
قوله عزوجل : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى ، وَأَعْطى قَلِيلاً وَأَكْدى ، أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى ، أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى ، وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى ، أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ، ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى ، وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى ، وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى ، وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا ، وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى ، مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى ، وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى ، وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى ، وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى ، وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى ، وَثَمُودَ فَما أَبْقى ، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى ، وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى ، فَغَشَّاها ما غَشَّى ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى ، هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى ، أَزِفَتِ الْآزِفَةُ ، لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ ، أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ ، وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ ، وَأَنْتُمْ سامِدُونَ ، فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا).
(أَفَرَأَيْتَ) الآية ، قال مجاهد وابن زيد ومقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، كان قد سمع قراءة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وجلس إليه ووعظه ، فقرب من الإسلام ، وطمع فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ثم إنه عاتبة رجل من المشركين ، فقال له : أتترك ملة آبائك؟ ارجع إلى دينك واثبت عليه ، وأنا أتحمل لك بكل شيء تخافه في الآخرة ، لكن على أن تعطيني كذا وكذا من المال. فوافقه الوليد على ذلك ، ورجع عن ما هم به من الإسلام ، وضل ضلالا بعيدا ، وأعطى بعض ذلك المال لذلك الرجل ، ثم أمسك عنه وشح. وقال الضحاك : هو النضر بن الحارث ، أعطى خمس فلايس لفقير من المهاجرين حتى ارتد عن دينه ، وضمن له أن يحمل عنه مآثم رجوعه. وقال السدي : نزلت في العاصي بن وائل السهمي ، كان ربما يوافق النبي صلىاللهعليهوسلم في بعض الأمور. وقال محمد بن كعب : في أبي جهل بن هشام ، قال : والله ما يأمر محمد إلا بمكارم الأخلاق. وروي عن ابن عباس والسدي أنها نزلت في عثمان بن عفان ، رضي الله تعالى عنه ؛ كان يتصدق ، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح نحوا من كلام القائل للوليد بن المغيرة الذي بدأنا به. وذكر القصة