وبيان الشرائع. (وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) : أي ثواب الدارين ، لقوله تعالى : (وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (١). وقرأ ابن الزبير وزيد بن عليّ وطلحة وسفيان بن عيينة وعبيد بن عمير : تتلظى بتاءين ، والبزي بتاء مشدّدة ، والجمهور : بتاء واحدة. وقال الزمخشري : الآية واردة في الموازنة بين حالتي عظيم من المشركين وعظيم من المؤمنين ، فأريد أن يبالغ في صفتيهما المتناقضتين ، فقيل : (الْأَشْقَى) ، وجعل مختصا بالصلي ، كأن النار لم تخلق إلا له. وقال : (الْأَتْقَى) ، وجعل مختصا بالنجاة وكأن الجنة لم تخلق إلا له. وقيل : هما أبو جهل ، أو أمية بن خلف وأبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه. (يَتَزَكَّى) ، من الزكاة : أي يطلب أن يكون عند الله زاكيا ، لا يريد به رياء ولا سمعة ، أو يتفعل من الزكاة ، انتهى. وقرأ الجمهور : (يَتَزَكَّى) مضارع تزكى. وقرأ الحسن بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهم : بإدغام التاء في الزاي ، ويتزكى في موضع الحال ، فموضعه نصب. وأجاز الزمخشري أن لا يكون له موضع من الإعراب لأنه جعله بدلا من صلة الذي ، وهو (يُؤْتِي) ، قاله : وهو إعراب متكلف ، وجاء (تُجْزى) مبنيا للمفعول لكونه فاصلة ، وكان أصله نجزيه إياها أو نجزيها إياه. وقرأ الجمهور : (إِلَّا ابْتِغاءَ) بنصب الهمزة ، وهو استثناء منقطع لأنه ليس داخلا في (مِنْ نِعْمَةٍ). وقرأ ابن وثاب : بالرفع على البدل في موضع نعمة لأنه رفع ، وهي لغة تميم ، وأنشد بالوجهين قول بشر بن أبي حازم.
أضحت خلاء قفارا لا أنيس بها |
|
إلا الجاذر والظلمات تختلف |
وقال الراجز في الرفع :
وبلدة ليس بها أنيس |
|
إلا اليعافير وإلا العيس |
وقرأ ابن أبي عبلة : (إِلَّا ابْتِغاءَ) ، مقصورا. وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون ابتغاء وجه الله مفعولا له على المعنى ، لأن معنى الكلام لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه ، لا لمكافأة نعمة ، انتهى. وهذا أخذه من قول الفراء. قال الفراء : ونصب على تأويل ما أعطيك ابتغاء جزائك ، بل ابتغاء وجه الله. (وَلَسَوْفَ يَرْضى) : وعد بالثواب الذي يرضاه. وقرأ الجمهور : (يَرْضى) بفتح الياء ، وقرىء : بضمها ، أي يرضى فعله ، يرضاه الله ويجازيه عليه.
__________________
(١) سورة العنكبوت : ٢٩ / ٢٧.