كظريف وظراف ؛ وأبو جعفر : بضم الباء ، كتؤام وظؤار ، وهم اسم جمع الواحد بريء وتوأم وظئر ، ورويت عن عيسى. قال أبو حاتم : زعموا أن عيسى الهمداني رووا عنه براء على فعال ، كالذي في قوله تعالى : (إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ) (١) في الزخرف ، وهو مصدر على فعال يوصف به المفرد والجمع. وقال الزمخشري : وبراء على إبدال الضم من الكسر ، كرخال ورباب. انتهى. فالضمة في ذلك ليست بدلا من كسرة ، بل هي ضمة أصلية ، وهو قريب من أوزان أسماء الجموع ، وليس جمع تكسير ، فتكون الضمة بدلا من الكسرة ، إلا قول إبراهيم استثناء من قوله : (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، قاله قتادة والزمخشري. قال مجاهد وقتادة وعطاء الخراساني وغيرهم : المعنى أن الأسوة لكم في هذا الوجه لا في الوجه الآخر ، لأنه كان لعلمه ليست في نازلتكم.
وقال الزمخشري : فإن قلت : فإن كان قوله : (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) مستثنى من القول الذي هو (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، فما بال قوله : (وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ) ، وهو غير حقيق بالاستثناء؟ ألا ترى إلى قوله : (فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً)؟ قلت : أراد استثناء جملة قوله لأبيه ، والقصد إلى موعد الاستغفار له وما بعده مبني عليه وتابع له ، كأنه قال : أنا أستغفر لك وما في طاقتي إلا الاستغفار. انتهى. وقال الزمخشري : أولا بعد أن ذكر أن الاستثناء هو من قوله : (أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) في مقالات قال : لأنه أراد بالأسوة الحسنة ، فهو الذي حق عليهم أن يأتسوا به ويتخذوه سنة يستنون بها. انتهى. والذي يظهر أنه مستثنى من مضاف لإبراهيم تقديره : أسوة حسنة في مقالات إبراهيم ومحاوراته لقومه إلا قول إبراهيم لأبيه (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) ، فليس فيه أسوة حسنة ، فيكون على هذا استثناء متصلا. وأما أن يكون قول إبراهيم مندرجا في أسوة حسنة ، لأن معنى الأسوة هو الاقتداء والتأسي ، فالقول ليس مندرجا تحته ، لكنه مندرج تحت مقالات إبراهيم عليهالسلام. وقال ابن عطية : ويحتمل أن يكون الاستثناء من التبري والقطيعة التي ذكرت ، لم تبق جملة إلا كذا. انتهى. وقيل : هو استثناء منقطع المعنى ، لكن قول إبراهيم لأبيه (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) ، فلا تأسوا به فيه فتستغفروا وتفدوا آباءكم الكفار بالاستغفار. (رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا) وما بعده ، الظاهر أنه من تمام قول إبراهيم متصلا بما قبل الاستثناء ، وهو من جملة ما يتأسى به فيه ، وفصل بينهما بالاستثناء اعتناء بالاستثناء ولقربه من المستثنى منه ، ويجوز أن يكون أمرا من
__________________
(١) سورة الزخرف : ٤٣ / ٢٦.