فأشفق السّلطان عليه ، وسار من حلب في رابع عشر شعبان ، فوصل دمشق قبل دخول شهر رمضان.
فسار في أوائل شهر رمضان حتى نزل «صفد» ، ونصب عليها المناجيق ، وداومها بالقتال حتى تسلّمها بالأمان في رابع عشر شوال ، وكان أصحابه الذين جعلهم على حصار «الكرك» لازموا الحصار هذه المدّة العظيمة ، وصابرهم من بها من الفرنج ، حتى فنيت أزوادهم وذخائرهم ، وأكلوا دوابّهم ، فراسلوا أخا السّلطان «الملك العادل» ـ وكان قريبا منهم ، منازلا بعض القلاع ـ فطلبوا منه الأمان فأمّنهم وتسلّمها ، وتسلّم أيضا «الشوبك» ، وغيرها من القلاع التي تجاورها.
ثم سار السّلطان من «صفد» إلى «كوكب» (١) ، فنزل على سطح الجبل ، وأحدق العسكر بالقلعة ، وضايقها بالقتال ، حتى تمكّن النّقب من سورها ، فطلب أهلها الأمان فتسلّمها في النّصف من ذي القعدة (٢).
وسار بعد ذلك بمدّة إلى «بيت المقدس» فدخله يوم الجمعة ثامن ذي الحجة ، وسار إلى «عسقلان» مودعا أخاه «الملك العادل» وكان متوجها إلى مصر ، فأخذ من أخيه عسقلان ، وأعطاه «الكرك».
وتوجّه لتفقد البلاد السّاحلية ـ ودخلت سنة خمس وثمانين وخمسمائة ـ وهو بعكا. وتوجّه إلى دمشق فدخلها مستهل صفر.
__________________
(١) تعرف أيضا باسم كوكب الهوا وهي قرية إلى الشمال من بيسان. معجم بلدان فلسطين.
(٢) انظر المحاسن اليوسفية ص ٦٣ ـ ٦٥.