ثم توجه في الثالث من شهر ربيع الأول ، إلى «مرج فلوس» (١) محاصرا «لشقيف أرنون» (٢) ورحل من «مرج فلوس» فأتى «مرج عيون» ـ وهو قريب من شقيف أرنون ـ في سابع عشر ربيع الأول.
وضاق على الفرنج المجال ، وقلّت أزوادهم. فنزل «أرناط» صاحب الشقيف إليه ـ وكان عظيما فيهم ذا رأي ودهاء ـ فأظهر الطاعة والمودة للسّلطان ، ووعده بتسليم المكان وقال : «أريد أن تمهلني حتى أخلّص أولادي وأهلي من الفرنج ، وأسلم اليك الحصن ، وتعطيني موضعا أسكن فيه بدمشق ، وأقطاعا يقوم بي وبأهلي ، وتمكنني الآن من الاقامة بالشقيف ، حتى أخلّص أولادي» ، فأجابه السلطان إلى ذلك ، وجعل يتردّد إلى خدمته.
وكانت الهدنة بين أنطاكية وبينه قد قرب وقتها ، وخاطره مشغول بذلك ، وقد سيّر إلى تقي الدين أن يجمع من يقارب تلك الناحية من العساكر ، ويكون بازاء «أنطاكية».
وبلغه أيضا أن الفرنج قد تجمعوا «بصور» في جموع عظيمة ، وكان الأمر قد استقرّ مع «ارناط» أن يسلّم اليه «الشقيف» ، في جمادى الآخرة ، وهو مقيم «بمرج عيون» ينتظر الميعاد ، و «ارناط» في هذه المدّة يشتري الأقوات من سوق المسلمين ، ويقوي الشقيف ، والسّلطان يحسن الظن به ،
__________________
(١) في المحاسن اليوسفية ص ٦٥ : مرج برغوث.
(٢) ما تزال بقاياها في جنوب لبنان.