الرسول من الشرف والتنويه بالرسالة التي هي أشرف ما تحملها الإنسان من الله تعالى ، إذ هي سبب السعادة الدنيوية والأخروية ، والعامل في : يوم يودّ. ومعنى يودّ : يتمنى. وظاهر وعصوا أنه معطوف على كفروا. وقيل : هو على إضمار موصول آخر أي : والذين عصوا فهما فرقتان. وقيل : الواو واو الحال أي : كفروا وقد عصوا الرسول. وقال الحوفي : يجوز أن يكون يوم مبنيا مع إذ ، لأنّ الظرف إذا أضيف إلى غير متمكن جاز بناؤه معه. وإذ في هذا الموضع اسم ليست بظرف ، لأن الظروف إذا أضيف إليها خرجت إلى معنى الاسمية من أجل تخصيص المضاف إليها ، كما تخصص الأسماء ، ومع استحقاقها الجرّ ، والجرّ ليس من علامات الظروف انتهى ، وهو كلام جيد.
وقرأ الجمهور : وعصوا الرسول بضم الواو. وقرأ يحيى بن يعمر وأبو السمال : وعصوا الرسول بكسر الواو على أصل التقاء الساكنين. وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو ، وعاصم : تسوى بضم التاء وتخفيف السين مبنيا للمفعول ، وهو مضارع سوى. وقرأ نافع ، وابن عامر : بفتح التاء وتشديد السين ، وأصله تتسوى ، فأدغمت التاء في السين ، وهو مضارع تسوى. وقرأ حمزة والكسائي : تسوّى بفتح التاء وتخفيف السين ، وذلك على حذف التاء ، إذ أصله تتسوى وهو مضارع تسوى. فعلى قراءة من قرأ تتسوى وتسوّى فتكون الأرض فاعلة. قال أبو عبيدة وجماعة : معناه لو تنشق الأرض ويكونون فيها ، وتتسوى هي في نفسها عليهم. والباء بمعنى على. وقالت فرقة : معناه لو تسوّى هي معهم في أن يكونوا ترابا كالبهائم ، فجاء اللفظ على أن الأرض هي المسوية معهم ، والمعنى : إنما هو أنهم يستوون مع الأرض. ففي اللفظ قلب يخرج على قولهم : أدخلت القلنسوة في رأسي. وعلى قراءة من قرأ : تسوى مبنيا للمفعول ، فالمعنى أن الله يفعل ذلك على حسب المعنيين السابقين. وقيل : المعنى لو يدفنون فتسوى بهم الأرض كما تسوى بالموتى ، ومعنى هذا القول هو معنى القول الأول. وقيل : المعنى لو تعدل بهم الأرض أي : يؤخذ منهم ما عليها فدية.
والعامل في يومئذ يود ، ومفعول يود محذوف تقديره : تسوية الأرض بهم ، ودلّ عليه قوله : لو تسوى بهم الأرض. ولو حرف لما كان سيقع لوقوع غيره ، وجوابه محذوف تقديره : لسروا بذلك ، وحذف لدلالة يودّ عليه. ومن أجاز في لو أن تكون مصدرية مثل أن جوز ذلك هنا ، وكانت إذ ذاك لا جواب لها ، بل تكون في موضع مفعول يود.
(وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) روي عن ابن عباس أن معنى هذه : ودوا إذ فضحتهم