موضع له من الإعراب. وقيل : الجملة في موضع نصب على الحال ، عطفت على الحال قبلها. ولما ذكر الذكر الذي محله اللسان ، ذكر الفكر الذي محله القلب. ويحتمل خلق أن يراد به المصدر ، فإن الفكرة في الخلق لهذه المصنوعات الغريبة الشكل والقدرة على إنشاء هذه من العدم الصرف ، يدل على القدرة التامة والعلم والأحدية إلى سائر الصفات العلية. وفي الفكر في ذلك ما يبهر العقول ، ويستغرق الخواطر. ويحتمل أن يراد به المخلوق ، ويكون أضافه من حيث المعنى إلى الظرفين ، لا إلى المفعول ، والفكر في ما أودع الله في السموات من الكواكب النيرة والأفلاك التي جاء النصر فيها وما أودع في الأرض من الحيوانات والنبات والمعادن ، واختلاف أجناسها وأنواعها وأشخاصها أيضا يبهر العقل ويكثر العبر
وفي كل شيء له آية |
|
تدل على أنه الواحد |
ومر النبي صلىاللهعليهوسلم على قوم يتفكرون في الله فقال : «تفكروا في الخلق ولا تفكروا في الخالق فإنكم لا تقدرون قدره». وقال بعض العلماء : المتفكر في ذات الله كالناظر في عين الشمس ، لأنه تعالى ليس كمثله شيء. وإنما التفكر وانبساط الذهن في المخلوقات وفي مخلوق الآخرة. وفي الحديث : «لا عبادة كتفكر». وذكر المفسرون من كلام الناس في التفكر ومن أعيان المتفكرين كثيرا ، رأينا أن لا نطول كتابنا بنقلها (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ) هذه الجملة محكية بقول محذوف تقديره : يقولون. وهذا الفعل في موضع نصب على الحال ، والإشارة بهذا إلى الخلق إن كان المراد المخلوق ، أو إلى السموات والأرض لأنها في معنى المخلوق. أي : ما خلقت هذا المخلوق العجيب باطلا. قيل : المعنى خلقا باطلا أي : لغير غاية ، بل خلقته وخلقت البشر لينظر فيه ، فيوحد ويعبد. فمن فعل ذلك نعمته ، ومن ضل عن ذلك عذبته. وقال الزمخشري : المعنى ما خلقته خلقا باطلا بغير حكمة بل خلقته لداعي حكمة عظيمة وهو : أن تجعلها مساكن للمكلفين وأدلة لهم على معرفتك ، ووجوب طاعتك ، واجتناب معصيتك. ولذلك وصل به قوله : فقنا عذاب النار ، لأنه جزاء من عصى ولم يطع انتهى. وفيه إشارات المعتزلة من قوله : بل خلقته لداعي حكمة عظيمة ، وعلى هذا فيكون انتصاب باطلا على أنه نعت لمصدر محذوف. وقيل : انتصب باطلا على الحال من المفعول. وقيل : انتصب على إسقاط الباء ، أي بباطل ، بل خلقته بقدرتك التي هي حق. وقيل : على إسقاط اللام وهو مفعول من أجله ، وفاعل بمعنى المصدر أي بطولا. وقيل : على أنه مفعول ثان لخلق ،