ميثاقا للنبيين على سبيل التعظيم لهذا الميثاق ، أو يكون المأخوذ عليهم الميثاق مقدّرا بعد النبيين ، التقدير : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين على أممهم. ويبين هذا التأويل قراءة أبي ، وعبد الله : ميثاق الذين أوتوا الكتاب ، ويبين أيضا أن الميثاق كان على الأمم قوله : (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) (١) ومحال هذا الفرض في حق النبيين ، وإنما ذلك في حق الأتباع.
وقرأ جمهور السبعة : لما ، بفتح اللام وتخفيف الميم. وقرأ حمزة : لما ، بكسر اللام. وقرأ سعيد بن جبير ، والحسن : لما ، بتشديد الميم.
فأما توجيه قراءة الجمهور ففيه أربعة أقوال.
أحدها : أن : ما ، شرطية منصوبة على المفعول بالفعل بعدها ، واللام قبلها موطئة لمجيء : ما ، بعدها جوابا للقسم ، وهو أخذ الله ميثاق. و : من ، في قوله : من كتاب ، كهي ، في قوله : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ) (٢) والفعل بعد : ما ، ماض معناه الاستقبال لتقدم ، ما ، الشرطية عليه. وقوله : ثم جاءكم ، معطوف على الفعل بعد : ما ، فهو في حيز الشرط ، ويلزم أن يكون في قوله : ثم جاءكم ، رابط يربطها بما عطفت عليه ، لأن : جاءكم ، معطوف على الفعل بعد : ما ، و : لتؤمنن به ، جواب لقوله (أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) ونظيره من الكلام في التركيب : أقسم لأيهم صحبت ، ثم أحسن إليه رجل تميمي لأحسنن إليه ، تريد لأحسنن إلى الرجل التميمي. فلأحسنن جواب القسم ، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، وكذلك في الآية جواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه ، والضمير في : به ، عائد على : رسول ، وهذا القول ، وهو أن : ما ، شرطية هو قول الكسائي.
وسأل سيبويه الخليل عن هذه الآية فقال ما نصه : ما ، هاهنا بمنزلة : الذي ، ودخلت اللام كما دخلت على : إن ، حين قلت : والله لئن فعلت لأفعلن ، فاللام في : ما ، كهذه التي في : أن ، واللام التي في الفعل كهذه التي في الفعل هنا. انتهى. ثم قال سيبويه : ومثل ذلك (لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) (٣) إنما دخلت اللام على نية اليمين. انتهى.
__________________
(١) سورة آل عمران : ٣ / ٨٢.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ١٠٦.
(٣) سورة الأعراف : ٧ / ١٨.