الهمزة ، وهي قراءة شاذة ، أي : قائلا إني قد جئتكم ، ويحتمل أن يكون محكيا بقوله : ورسولا ، لأنه في معنى القول ، وذلك على مذهب الكوفيين.
وقرأ اليزيدي : ورسول ، بالجر ، وخرجه الزمخشري على أنه معطوف على : بكلمة منه ، وهي قراءة شاذة في القياس لطول البعد بين المعطوف عليه والمعطوف.
وأرسل عيسى إلى بني إسرائيل مبينا حكم التوراة ، وداعيا إلى العمل بها ، ومحللا أشياء مما حرم فيها : كالثروب ، ولحوم الإبل ، وأشياء من الحيتان. والطير ، وكان عيسى قد هربت به أمّه من قومها إلى مصر حين عزلوا أولادهم ، ونهوهم عن مخالطته ، وحبسوهم في بيت ، فجاء عيسى يطلبهم فقالوا : ليسوا هاهنا ، فقال ما في هذا البيت؟ قالوا : خنازير ، قال : كذلك يكونون ، ففتحوا عنهم فإذا هم خنازير. ففشا ذلك في بني إسرائيل ، فهموا به ، فهربت به أمّه إلى أرض مصر. فلما بلغ اثنتي عشرة سنة أوحى الله إليها : أن انطلقي إلى الشام ، ففعلت حتى إذا بلغ ثلاثين سنة جاءه الوحي على رأس الثلاثين ، فكانت نبوّته ثلاث سنين ، ثم رفعه الله إليه. وكان أول أنبياء بني إسرائيل : يوسف ، وقيل : موسى ، وآخرهم عيسى.
والظاهر أن قوله : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ) إلى قوله (مُسْتَقِيمٌ) متعلق بقوله (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) ومعمول له ، فيكون ذلك مندرجا تحت القول السابق. والخطاب لمريم بقوله : قال كذلك الله ، فتكون مريم قد بشرت بأشياء مما يفعلها الله لولدها عيسى : من تعليمه ما ذكر ، ومن جعله رسولا ناطقا بما يكون منه إذا أرسل : من مجيئه بالآيات ، وإظهار الخوارق على يديه ، وغير ذلك مما ذكر إلى قوله : مستقيم. ويكون بعد قوله : مستقيم.
وقيل : قوله : فلما أحس ، محذوف يدل عليه وتضطر إلى تقديره ، المعنى ، تقديره : فجاء عيسى بني إسرائيل ورسولا ، فقال لهم ما تقدّم ذكره ، وأتى بالخوارق التي قالها ، فكفروا به وتمالأوا على قتله وإذايته ، فلما أحس عيسى منهم الكفر.
وقيل : يحتمل أن يكون الكلام تم عند قوله (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ) ولا يكون (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ) متعلقا بما قبله ، ولا داخلا تحت القول ، والخطاب لمريم ، ويكون المحذوف هنا لا بعد قوله : مستقيم ، والتقدير : فجاء عيسى كما بشر الله رسولا إلى بني إسرائيل بأني قد جئتكم بآية من ربكم.
وقرأ الجمهور : بأنه ، على الإفراد ، وكذلك في (وَجِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وفي