جملة أصحابه وتابعه. قال : وكان يتلقّاه في كلّ بلد من (أصحابه و) أشياعه وخدمه من يأتيه بالأزواد ، والنّفقات من بلده ، إلى أن ركبنا البحر من تونس إلى الإسكندرية. قال : واشتدّت عليّ الغلمة في البحر ، واستحييت من كثرة الاغتسال ؛ لمكان هذا الرئيس ، فأشار عليّ بعض بطانته بشرب الكافور ، فاغترفت منه غرفة ، فشربتها فاختلطت. وقدم الديار المصرية على تلك الحال ، وبها يومئذ تقيّ الدين بن دقيق العيد ، (١) وابن الرّفعة ، (٢) وصفي الدين الهندي ، (٣) والتبريزي ، (٤) وابن البديع ، وغيرهم من فرسان المعقول والمنقول ، فلم يكن قصاراه إلا تمييز أشخاصهم ، إذا ذكرهم لنا ؛ لما كان به من الاختلاط. ثم حجّ مع ذلك الرئيس ، وسار في جملته إلى كربلاء ، فبعث معه من أصحابه من أوصله إلى مأمنه من بلاد زواوة (٥) من أطراف المغرب. وقال لي شيخنا رحمهالله : كان معي دنانير كثيرة تزودتها من المغرب ، واستبطنتها في جبّة كنت ألبسها ؛ فلما نزل بي ما نزل انتزعها مني حتى إذا بعث أصحابه يشيّعونني إلى المغرب ، دفعها إليهم ، حتى إذا أوصلوني إلى المأمن ، أعطوني إياها وأشهدوا علي بها في كتاب حملوه معهم إليه كما
__________________
(١) هو أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري القوصي الشافعي (٦٢٥ ـ ٧٠٢). طبقات السبكى ٦ / ٢ ، حسن المحاضرة ١ / ١٤٣ ، رحلة العبدري لوحة ٧٤ ب.
(٢) أحمد بن محمد بن علي بن مرتفع الأنصاري أبو العباس نجم الدين الشافعي ، كان يقاس بالنووي والرافعي في العلم (٦٤٠ ـ ٧١٠) طبقات السبكى ٥ / ١٧٦ ، حسن المحاضرة ١ / ١٤٥.
(٣) محمد بن عبد الرحمن بن محمد الهندي صفيّ الدين ؛ فقيه ، وأصولي (٦٤٤ ـ ٧٥٠). طبقات السبكى ٥ / ٢٤٠ ، حسن المحاضرة ٢ / ٢٦١.
(٤) أبو الحسن علي بن عبد الله تاج الدين التبريزي المتوفى سنة ٧٤٩ ه. طبقات السبكى ٦ / ١٤٦ ، حسن المحاضرة ٢ / ٢٦١.
(٥) زواوة بفتح الزاي : بطن من بطون البربر البتر ، ويرجح ابن خلدون ـ تبعا لابن حزم ـ أنها من كتامة ، وكان موطنها ، حسب ما حدّده ، الجبال العالية التي بنواحي بجاية ، والتي بينها تدلس.
وباسم هذه البطون تسمى الأمكنة التي تنزلها ، حال إقامتها ، وبعد ما ترحل ؛ ولهذا يقع اسم القبيلة الواحدة على أمكنة متعدّدة. انظر العبر ٦ / ١٢٨ ، تاج العروس ١ / ١٦٦ ، ١٦٧.