تبتغي القرب من مراقي الأماني |
|
والتّرقّي للجانب العلويّ |
فأنلها مرامها نلت سهلا |
|
كلّ دان تبغي وكلّ قصيّ |
ثم كانت واقعة العرب على السّلطان بالقيروان ، (١) في فاتحة تسع وأربعين ، فشغلوا عن ذلك ، ولم يظفر هذا الرّحوي بطلبته. ثم جاء الطاعون الجارف ، فطوى البساط بما فيه ، وهلك عبد المهيمن فيمن هلك ، ودفن بمقبرة سلفنا بتونس ، لخلة كانت بينه وبين والدي ، رحمهالله ، أيام قدومهم علينا.
فلمّا كانت واقعة القيروان ، ثار أهل تونس بمن كان عندهم من أشياع السّلطان أبي الحسن ، فاعتصموا بالقصبة دار الملك ، حيث كان ولد السّلطان وأهله ، وانتقض عليه ابن تافراكين ، (٢) وخرج من القيروان إلى العرب ، وهم يحاصرون السّلطان ، وقد اجتمعوا على ابن أبي دبوس ، وبايعوا له ، كما مرّ في أخبار السّلطان ، فبعثوا ابن تافراكين إلى تونس ، فحاصر القصبة ، وامتنعت عليه. وكان عبد المهيمن يوم ثورة أهل تونس ، ووقوع الهيعة ، خرج من بيته إلى دارنا ، فاختفى عند أبي رحمهالله ، وأقام مختفيا عندنا نحوا من ثلاثة أشهر. ثم نجا السّلطان من القيروان إلى سوسة ، (٣) وركب البحر إلى تونس ، وفرّ ابن تافراكين إلى المشرق. وخرج عبد
__________________
(١) القيروان (Kairwan) عرضها الشمالي ٤٨ ـ ٣٥ ، وطولها الشرقي ٢ ـ ١٠) : مدينة بتونس اختطّها عقبة بن نافع أيام معاوية. ياقوت ٧ / ١٩٣.
(٢) هو شيخ الموحدين أبو محمد بن عبد الله بن تافراكين. وبيت بني تافراكين هذا أحد بيوت الموحدين منذ بداية الدولة الموحدية. انظر أخبارهم في العبر ٦ / ٣٤٨ ـ ٣٥٠ ، ٣٥٢ ـ ٣٥٣. وفي نفح الطيب ٤ / ٩٥ رسالة لابن الخطيب يخاطب فيها أبا محمد هذا.
(٣) سوسة (Susa) عرضها الشمالي ٠٠ ـ ٣٦ ، وطولها الشرقي ٤٠ ـ ١٠) : مدينة معروفة بتونس ، اشتهرت منذ القديم بالصناعة ، وإليها تنسب الثياب السوسية ، وكانت بها أيام الأغلب دار لصناعة السفن. ياقوت ٥ / ١٧٣.