بالإشارة إلى
مسائل تاريخية وعلمية ، وأنه كان مغرما بالتورية بمصطلحات العلوم التي كان يعرفها
، وما أوسع ما كان يعرفه ابن الخطيب من العلوم! وقد أورد له ابن خلدون في هذا
الكتاب رسائل ، وضح فيها شغفه باستخدام هذه المصطلحات ، وإشارته إلى حقائق تاريخية
، ومقررات علمية ، إشارات عابرة لا يكاد يتكشف المراد منها دون استفتاء مصادرها
الأولى ، وفي ذلك الجهد البالغ والمشقة المضنية.
وقد وجدتني ملزما
بتحديد موضع الإشارة من بين حوادث التاريخ ، وشرح الكلمة التي لها معنى خاص حدده
أقوام من العلماء معينون ، فأصبحوا المرجع الأساسي عند تحديد معنى الكلمة الجديد ،
ثم عليّ بعد ذلك دلالة القارئ على موطن التفسير.
ومن هنا طالت
الشروح في بعض المواطن وما أردتها أن تطول ، ولكنه ابن الخطيب يغذي أدبه برواسب
ثقافته الإسلامية المتشعبة الفروع ، فإذا ما أردت أن تعود بها إلى مواطنها الأولى
حيث يتضح لك وجه الدلالة منها ، كان عليك الاستعداد لطواف حول العدد الكثير من
مجلدات هذه الثقافة ، غير مريح. وما أكثر ما ضللت السبيل فظلت الكلمات مبهمة
المعنى ، غير واضحة المراد!
أما الفهارس فما
أحدثت فيها جديدا يدعو إلى الإرشاد والتنبيه ، إلا أن حصولي على نسختي المؤلف
جعلني أعنى بالأعلام التي ضبطها فيهما بقلمه ، حيث إن ضبطها توفيقي لا يخضع لقانون
؛ وقد وضعتها في فهرس خاص بها مرتبة على حروف المعجم .
وما أحب أن أنهي
هذه الكلمة دون أن أعترف بالجميل لأشخاص كان لهم الفضل الكبير في ظهور هذا الكتاب
:
معالي الدكتور طه
حسين باشا ، حيث شمل عملي في ابن خلدون بعطفه وتشجيعه ، وكان لمعاليه في هذا
الكتاب موقف كريم لن أنساه.
والأستاذ الجليل
أحمد بك أمين الذي كان هذا الكتاب موضع رعايته منذ بدء عملي فيه ، ولقد تكرم
بتقرير طبع هذا الكتاب في «لجنة التأليف» على نفقتها.
__________________