وأسلة اليراع تخضب مفارق الطّروس بنجيع الحبر المراق ، وغيرك من
تركض في مخاطبته جياد اليراع ، في مجال الرقاع ، مستولية على أمد الإبداع
والاختراع ؛ إنّما هو بثّ يبكى ، وفراق يشكى ، فيعلم الله حرصي على أن أشافه عن أنبائك
ثغور البروق البواسم ، وأن أحملك الرّسائل حتى مع سفراء النواسم ، وأن أجتلي غرر
ذلك الجبين في محيّا الشارق ، ولمح البارق.
ولقد وجّهت لك
جملة من الكتب والقصائد ، ولا كالقصيدة الفريدة في تأبين الجواهر التي استأثر بهنّ
البحر ، قدّس الله أرواحهم ، وأعظم أجرك فيهم ، فإنّها أنافت على مائة وخمسين بيتا
، ولا أدري هل بلغكم ذلك أم غاله الضيّاع ، وغدر وصوله بعد المسافة ، والذي يطرق
لي سوء الظّنّ بذلك ، ما صدر في مقابله منكم. فإنّي على علم من كرم قصدكم ، وحسن
عهدكم.
ومن حين استقلّ
نيّركم بذلك الأفق الشرقيّ ، لم يصلني منكم كتاب ، مع علمي بضياع اثنين منها بهذا
الأفق الغربي. انتهى.
وفي الكتاب إشارة
إلى أنّه بعث قصيدة في مدح الملك الظّاهر صاحب مصر ، ويطلب منّي رفعها إلى
السّلطان ، وعرضها عليه بحسب الإمكان ، وهي على رويّ الهمزة ، ومطلعها :
أمدامع منهلّة
أم لؤلؤ
|
|
لمّا استهلّ
العارض المتلألئ
|
وبعثها في طيّ
الكتاب ، واعتذر بأنّه استناب في نسخها ، فكتبت همزة رويّها ألفا ، قال وحقّها أن
تكتب بالواو ، لأنّها تبدل بالواو ، وتسهّل بين الهمزة والواو ، وحرف الإطلاق أيضا
يسوقها واوا. هذا مقتضى الصناعة ، وإن قال بعض الشيوخ تكتب ألفا على كل حال ، على
لغة من لا يسهّل ، لكنّه ليس بشيء.
وأذن لي في نسخ
القصيدة المذكورة بالخطّ المشرقيّ لتسهل قراءتها عليهم ففعلت ذلك ، ورفعت النسخة
والأصل للسّلطان ، وقرأها كاتب سرّه عليه ، ولم يرجع إليّ
__________________