فرحلتهم معي إلى
أن نزلنا عليه بضاحية قسنطينة ، ومعه صاحبها الأمير إبراهيم بن السّلطان أبي
العبّاس بمخيمه ، وفي عسكره فحضرت عنده ، وقسم لي من برّه ، وكرامته فوق الرضى ،
وأذن لي في الدخول إلى قسنطينة ، وإقامة أهلي في كفالة إحسانه ، بينما أصل إلى
حضرة أبيه. وبعث يعقوب بن علي معي ابن أخيه أبي دينار في جماعة من قومهم ، وسرنا
إلى السّلطان أبي العبّاس ، وهو يومئذ قد خرج من تونس في العساكر إلى بلاد الجريد
، لاستنزال شيوخها عن كراسي الفتنة التي كانوا عليها ، فوافيته بظاهر سوسة ،
فحيّا وفادتي ، وبرّ مقدمي ، وبالغ في تأنيسي ، وشاورني في مهمّات أموره ، ثم
ردّني إلى تونس ، وأوعز إلى نائبه بها مولاه فارح بتهيئة المنزل ، والكفاية في الجراية ، والعلوفة ، وجزيل
الإحسان ، فرجعت إلى تونس في شعبان من السّنة ، وآويت إلى ظلّ ظليل من عناية
السّلطان وحرمته ، وبعثت عن الأهل والولد ، وجمعت شملهم في مرعى تلك النّعمة ،
وألقيت عصا التّسيار ، وطالت غيبة السّلطان إلى أن افتتح أمصار الجريد ، وذهب
فلّهم في النواحي ، ولحق زعيمهم يحيى بن يملول ببسكرة ، ونزل على صهره ابن مزني ، وقسم السّلطان بلاد
الجريد بين ولده ، فأنزل ابنه محمد المنتصر
__________________