بقبوله. وأجاز
البحر من حينه إلى سبتة ، وسار إلى السّلطان بتلمسان ، وقدم عليهما في يوم مشهود ،
وتلقّاه السّلطان من الحظوة والتقريب وإدرار النّعم بما لا يعهد مثله. وكتب إليّ
من تلمسان يعرّفني بخبره ، ويلمّ ببعض العتاب على ما بلغه من حديثي الأول
بالأندلس. ولم يحضرني الآن كتابه ، فكان جوابي عنه ما نصّه :
الحمد لله ولا
قوّة إلا بالله ، ولا رادّ لما قضاه الله.
يا سيدي ونعم
الذّخر الأبدي ، والعروة الوثقى التي اعتلقتها يدي ، أسلم عليكم سلام القدوم ، على المخدوم ، والخضوع ، للملك
المتبوع ، لا بل أحيّيكم تحية المشوق ، للمعشوق ، والمدلج ، للصباح المتبلّج ، وأقرّر ما أنتم أعلم بصحيح عقدي في من حبّي لكم ، ومعرفتي
بمقداركم ، وذهابي إلى أبعد الغايات في تعظيمكم ، والثّناء عليكم ، والإشادة في
الآفاق بمنقاقبكم ، ديدنا معروفا ، وسجيّة راسخة ، يعلم الله وكفى به شهيدا ، وبهذا كما في علمكم
قسما ما اختلف لي فيه أول وآخر ، ولا شاهد ولا غائب. وأنتم أعلم بما في نفسي ،
وأكبر شهادة في خفايا ضميري. ولو كنت ذاك ، فقد سلف من حقوقكم ، وجميل
أخذكم ، واجتلاب الحظّ ـ لو هيّأه القدر ـ بمساعيكم ، وإيثاري بالمكان من سلطانكم
، ودولتكم ، ما يستلين معاطف القلوب ، ويستل سخائم
__________________