لما وقع بين
أسندمر المتغلّب بعد يلبغا الخاسكي ، وبين سلطانه ظاهر القلعة ، من الجولة التي كانت
دائرتها عليه ، أجلت عن زهاء الخمسمائة قتلى ، من حاشية وموالي يلبغا ، وتقبّض على
الباقين ، فأودع منهم السجون ، وصلب الكثير ، وقتل أسندمر في محبسه ، وألقي زمام
الدولة بيد كبير من موالي السّلطان ، فقام بها مستبدا ، وقادها مستقلا ، وبيد الله
تصاريف الأمور ، ومظاهر الغيوب ، جلّ وعلا.
ورغبتي من سيدي ـ أبقاه
الله ـ أن لا يغبّ خطابه عني ، متى أمكن ، يصل بذلك مننه الجمّة ، وأن يقبّل عنّي
أقدام تلك الذات المولوية ، ويعرّفه بما عندي من التشيّع لسلطانه ، والشكر لنعمته
، وأن تنهوا عني لحاشيته وأهل اختصاصه ، التحية ، المختلسة من أنفاس الرياض ،
كبيرهم وصغيرهم.
وقد تأدّى مني إلى
حضرته الكريمة خطاب على يد الحاجّ نافع ـ سلّمه الله ـ تناوله من الأخ يحيى عند
لقائه إياه بتلمسان ، بحضرة السّلطان أبي حمّو ـ أيّده الله ـ فربّما يصل ، وسيّدي
يوضّح من ثنائي ودعائي ما عجز عنه الكتاب. والله يبقيكم ذخرا للمسلمين ، وملاذا
للآملين بفضله. والسلام عليكم وعلى من لاذ بكم من السادة الأولاد المناجيب ،
والأهل والحاشية والأصحاب ، من المحبّ فيكم ، المعتدّ بكم شيعة فضلكم ، ابن خلدون
، ورحمة الله وبركاته.
عنوانه : سيدي
وعمادي ، وربّ الصنائع والأيادي ، والفضائل الكريمة الخواتم والمبادي ، إمام الأمة
، علم الأئمة ، تاج الملّة ، فخر العلماء الجلّة ، عماد الإسلام ، مصطفى الملوك
الكرام ، نكتة الدول ، كافل الإمامة ، تاج الدول ، أثير الله ، وليّ أمير المسلمين
الغني بالله ـ أيّده الله ـ الوزير أبو عبد الله بن الخطيب ، أبقاه الله ، وتولّى
__________________