لقيس : إن شئت أن تجثّم على صدره ، وأضربه وإن شئت أن أجثم على صدره وتضربه ، قال قيس : اجثم أنت على صدره ، وأضبطه أكفك قتله ، فجثم فيروز على صدره ، وضبطه ، وضربه قيس بسيفه ، فقتله ، واحتزّ رأسه ، فبعث به إلى المهاجر بن أبي أمية ، فلمّا أتاه مقتل الأسود أقبل حتى دخل صنعاء فقال قيس بن عبد يغوث المرادي حين قتل الأسود العنسي :
ضربته بالسيف ضرب الأسفان |
|
ضرب امرئ لم يخش عقبى العدوان |
من زبر شيطان ولا سلطان |
|
فمات لا يبكيه منّا إنسان |
نشوان لا يعقل وهو يقظان |
|
ضل نبي مات وهو سكران |
والناس (١) تلقاهم كلهم كالذبّان |
|
فالنور والنار لديهم سيّان |
ثم تنازع هؤلاء النفر الثلاثة في قتله ، فقال قيس : أنا قتلت الرجل واحترزت رأسه ، وقال فيروز : أنا ضبطته لك ولو لا ذلك لم تصل إلى قتله ، وقال داذويه : أنا كفيتكم ألا يدخل عليكم أحد ، وكان أشدّ ثغوركم ، ولو لا ذلك لم تقدروا على قتله.
والتمس قيس أن يغتالهما ، فصنع لهما طعاما ثم دعاهما واحدا واحدا ، فقتل داذويه ، ونذر (٢) فيروز فخرج وكان في ذلك بينهما أمر تفاقم فيه الشرّ حتى أصلح بينهما المهاجر بحمالة له ، فقال قيس في ذلك :
زعم ابن حمراء القصاص بأنه |
|
قتل ابن كعب نائما نشوانا |
كلا وذي البيت الذي حجت له |
|
شعث المفارق تمسح الأركانا |
لأنا الذي نهبته فقتلته |
|
ولقد تكبّد قائما يقظانا |
فعلوته بالسيف لا متهيّبا |
|
مما يكون غدا ، ولا ما كانا |
فانصاع شيطان لكعب هاربا |
|
عنه ، وأدبر ممعنا شيطانا |
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد ، أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبّار ، أنبأنا أبو الحسن العتيقي ، أنبأنا أبو الحسن الدارقطني ـ إجازة ـ أنبأنا عمر بن الحسن بن مالك الشيباني ، حدّثنا الحارث بن محمّد بن أبي أسامة ، حدّثنا محمّد بن سعد ، أنبأنا محمّد بن عمر ، حدّثنا قيس ، عن مجالد ، عن الشعبي قال :
بعث أبو بكر قيس بن مكشوح إلى اليمن فقتل العنسي هو وفيروز بن الديلمي ، ثم بعث
__________________
(١) في «ز» : والناس إن تلقاهم كلهم كالذبان.
(٢) نذر بالشيء : علمه ، فحذره.