فقال : والله ما أجبتكم الجواب على لسان الخادم إلّا من وراء ضيقة قد علمها الله وبعد أن خرج الخادم بالجواب إليكم ذكرت بيتا وهو قول الشاعر :
وقد نبّئت أنّ عليك دينا |
|
فزد في رقم دينك واقض ديني |
والله لأزدين في رقم ديني ، ولأقضينّ ديونكم ، وقال : يا غلام أحضرني تجار الكرج ، فحضروا فعاملهم على مال أرضانا به عن آخرنا.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا [ـ و](١) أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٢) ، أنبأنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد ، حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدل ، حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، حدّثني أبو الفضل جعفر بن محمّد الأصبهاني ، حدّثني محمّد ابن إدريس بن معقل ، عن أبيه قال :
اجتمع على باب أبي دلف جماعة من الشعراء ، فمدحوه وتعذّر عليهم الوصول إليه وحجبهم حياء لضيقة نزلت به. فأرسل إليهم خادما له يعتذر إليهم ويقول : انصرفوا في هذه السنة وعودوا في القابلة ، فإني أضعف لكم العطية وأبلغكم الأمنية فكتبوا إليه :
أي هذا العزيز قد مسنا الده |
|
ر بضرّ وأهلنا أشتات |
وأبونا شيخ كبير فقير |
|
ولدينا بضاعة مزجات (٣) |
قلّ طلابها فبارت علينا |
|
وبضاعاتنا بها التّرّهات |
فاغتنم شكرنا وأوف لنا الكي |
|
ل وصدّق (٤) فإننا أموات |
فلمّا وصل إليه الشعر ضحك وقال : علي بهم ، فلمّا دخلوا قال : أبيتم إلّا [أن](٥) تضربوا وجهي بسورة يوسف (٦) ، والله إنّي لمضيق ولكني أقول كما قال الشاعر :
لقد خبّرت أنّ عليك دينا |
|
فزد في رقم دينك واقض ديني |
يا غلام اقترض لي عشرين ألفا بأربعين ألفا ، وفرّقها فيهم.
__________________
(١) زيادة «الواو» عن م و «ز» ، للإيضاح.
(٢) الخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٢ / ٤٢١.
(٣) كذا بالأصل وم و «ز» وتاريخ بغداد مزجات بالتاء الطويلة ، والمزجاة : يقال بضاعة مزجاة أي خسيسة.
(٤) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي تاريخ بغداد : وتصدق علينا.
(٥) سقطت من الأصل وم و «ز» ، والزيادة عن تاريخ بغداد.
(٦) يشير إلى قوله تعالى في الآية ٨٨ من سورة يوسف : (يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ، وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ).