ويركب على البغلة ليكون الاطمنان (كذا) ففعل المزاري ما رضي به السيد الحليم ودخلا وهران على تلك الحالة التي مئالها (كذا) الفوز العميم ثم ذهب به المزاري لبيته وبها بات ، ومن الغد تركه بالبيت وذهب عند الباي وقت اجتماع الأغوات ، وقال يا سيدنا أن الذي أمرتني به جئتك به على تلك الحالة ، وأنه ببيتي وأريد منك الأمن عليه ولا تلتفت لقول القوالة ، وأخبره بأمر السيد من أوله إلى أخره وما احتوى عليه من باطنه وظاهره ، فظهرت البشرى على وجه الباي وقال ما تريد يا المزاري فقال / له إذا أردت ديته أو الخطية نؤديها لك من مالي (ص ٣١٣) لما قلت لي واستعن بالباري ، كما لا تنتقم منه بالسجن فإنه في ضمانتي في داري ، فقال له عليه الأمان التام أن لا يخشى من شيء والله شاهد عليّ في ذلك ، غير أني أحب أن اختبره ببعض الأمور السياسية ليطمئن قلبي بذلك فأحضره المزاري لديه ، ولما مثل بين يديه حصلت للباي منه هيبة ورهبة ومحبّة ورغبة ، وقال له يا هذا الرجل ما هذا يسمع عنك من اجتماع الناس في كل وقت عليك ، ووفودهم في كل آن إليك ، فقال له إذا أخبروك بأني جاعل خيمة للطلبة وضياف الله ، والمخزن إذا جاء فذلك حق ليس به اشتباه ، وإذا أخبروك بغير هذا فذلك عنّا بعيد ، ونحن في طاعة أمير المؤمنين كما أمرنا الرسول والمولى الكريم المجيد ، فقال له الباي إني نخايل فيك بعض الأسرار ، وأردت اختبارك بأمور تنشأ لك منها الأضرار ، فإن كنت من ذوي الأسرار الربانية خلصت منها بسرك ، وإن كنت من الأحزاب الشيطانية كانت آخرا لعمرك فقال له افعل ما تريد ينفذ ، غير أني أقول لك قولا إن هلكتني تهلك وإن أنقذتني تنقذ وأن بعثتني برا تبعث برا ، وإن أرسلتني بحرا ترسل بحرا ، فبادر بالاختيار وانظر لما يكون لك له النجاة من الأسار ، فألقاه أولا على مخاطيف الحديد ، فصار يلعب عليها والباي ينظر ويزيد ، ثم ألقاه ثانيا ببيت السباع ، فبصبصت له وهي ذات إيطاع ، وصار يركبها واحدا بعد واحد وهم به فارحون وله صابرون ، والباي بمن معه من أرباب دولته ينظرون ، ثم ألقاه ثالثا في الكوشة ، فطفيت نارها كأن الماء بها في العروشة ، فاتّكأ فيها طولا وعرضا والناس ينظرون له ثم لبعضهم بعضا ويتعجبون من أمر الله الواحد الباري ، ثم أخرجه وبعثه لبيت المزاري ، وقال له غدا نبعثك لبني يزناسن مع البحر في اطمأنان (كذا) ويلحقك أهلك فقال للمزاري اعلم أني