لقد أورد ياقوت بعد ذكره قباء التي بين مكة والبصرة أبياتا للسّري بن عبد الرحمن بن عتبة بن عويمر بن ساعدة الأنصاريّ ، مما يوهم أنّ هذه الأبيات قيلت في قباء هذه.
والأولى أن تكون قباء المقصودة في شعر السّري بن عبد الرحمن الأنصاري هي قباء المدينة المنورة ، لأنّ الأنصار كان لهم مساكن فيها ، ولأنّه يصف فيها ماء بئر عروة ، الشهيرة بالعذوبة ، والتي يقال : إنّه كان يحمل من مائها إلى هارون الرشيد وهو بالرقة ، وبئر عروة هي في ضواحي المدينة كما هو معلوم ، وعندها بستان لطيف ، وقد قسم الله لي النزهة ـ أو القيلة كما يقول أهل الحجاز ـ عند هذه البئر منذ خمس عشرة سنة قبل الحرب العامة بقليل (١) ، ووجدت من خفّة مائها وحلاوته ما تذكرته هذه المرة عند شربي من بئر جعرانة ، التي في ضواحي مكة.
أما الأبيات التي استشهد بها ياقوت فهي هذه :
ولها مربع ببرقة خاخ |
|
ومصيف بالقصر ، قصر قباء |
كفّنوني إن متّ في درع أروى |
|
واغسلوني من بئر عروة مائي |
سخنة في الشّتاء ، باردة الصّي |
|
ف ، سراج في الليلة الظّلماء |
وخاخ هي روضة خاخ بقرب حمراء الأسد من المدينة ، كانت من الأحماء التي حماها النبي صلىاللهعليهوسلم والخلفاء الراشدون ، يقال : إنّها في حدود العقيق بين الشوطي والناصفة ، وقد أكثر من ذكرها الشعراء ، وكانت فيها منازل الأئمة من آل البيت وغيرهم من أعيان المدينة.
وأما نهر الأبلّة ، الذي يقال : إنّ عبد الله بن عامر شقّه ، فهو نهر بالبصرة ، وهو إحدى جنان الدنيا الأربع بحسب قول بعضهم ، وهيّ : غوطة دمشق ، وصغد سمرقند ، وشعب بوّان ، ونهر الأبلّة.
وحكي أنّ بكر بن النطاح مدح أبا دلف العجلي بقصيدة ، فأثابه عليها
__________________
(١) [عام ١٩١٣].