والثاني : من عهد أبي كرب إلى ذي نواس.
والثالث : من عهد ذي نواس إلى الإسلام.
ولكن علماء الإفرنج قسّموا هذه الأدوار إلى ثلاثة بشكل آخر. فقالوا :
الدور الأول : هو السبئي المعيني.
والدور الثاني : هو الحميري.
والدور الثالث : هو الحبشي فالفارسي.
ولعلّ الوقت يأتي بمعلومات أوضح مما تيسّر حتى الآن (١) فإنّ تاريخ الأعصر الغابرة كان ظلمات بعضها فوق بعض ، فانكشف جزء منها بالحفر والتنقيب ، وحلّ الكتابات القديمة ، ولا يزال تحت التراب ـ وربما فوق التراب ـ كتابات كثيرة لم يصل المنقّبون إليها.
ولما كنت في الحجاز منذ ست سنوات ، وصعدت إلى جبال الطائف ، وجدت كتابات كثيرة على الصخور ، وقيل لي : إنها مستفيضة في كلّ مكان تقريبا من جزيرة العرب ، وقيل لي أيضا : إنّ بين المدينة ونجد كتابات لا تحصى. وكيف ضرب الإنسان في أرض جزيرة العرب يجد كتابات على الصخور ، فإنّ من عادتهم أن ينقشوا أخبار الحوادث التي تقع عندهم على الجنادل ، وقد شاهدنا من هذه الأخبار المحفورة على الصخر بالخط الكوفيّ شيئا كثيرا ، وأوردت أمثلة عليه في «رحلتي الحجازية» (٢).
ومرة قرأت في طريق وادي ليّة على صخر خبر قحط أصاب الناس وأجدبوا ، ثم بعث الله الغيث وسقوا.
__________________
(١) [كتب هذا البحث سنة (١٩٣٥)].
(٢) [انظر ص (٢٧٧) من هذا الكتاب].