ألف باب ، وكان
يتصرّف في عمارة الزهراء كلّ يوم من الخدّام والفعلة عشرة آلاف رجل ، ومن الدواب
ألف وخمسمئة دابة ، وكان من الرجال من له الدرهم ونصف ، ومن له الدرهمان والثلاثة.
وكان يصرف كلّ يوم
في الزهراء من الصخر المعدل المنحوت ستة آلاف صخرة ، سوى الآجر والصخر غير المعدل.
قالوا : وكان
الناصر يثيب على كلّ رخامة كبيرة أو صغيرة عشرة دنانير ، سوى ما كان يلزم لقطعها
وحملها ، وجلب الناصر الرّخام إلى الزهراء من كل البلاد ، فالأبيض من المرية ،
والمجزّع من رية ، والورديّ والأخضر من صفاقس وقرطاجنة بأفريقية ، وجلب إليها
الحوض المنقوش المذهّب من الشام ، وقيل من القسطنطينية ، وفيه نقوش وتماثيل وصور
على صور الإنسان ، ولما جلبه أحمد الفيلسوف ـ وقيل غيره ـ أمر الناصر بنصبه في وسط
المجلس الشرقي المعروف بالمؤنس ، ونصب عليه اثني عشر تمثالا.
قالوا : وبنى في
الزهراء القصر المسمّى بقصر الخلافة ، وكان سمكه (سقفه) من الذهب والرّخام الغليظ
، الصافي لونه.
وكانت حيطان هذا
القصر مثل ذلك ، وجعلت في وسطه اليتيمة ، التي أتحف الناصر بها ليون ملك
القسطنطينية ، وكانت قرامد هذا القصر من الذهب والفضة ، وكان في وسط المجلس صهريج
مملوء بالزئبق ، وكان في كلّ جانب من هذا المجلس ثمانية أبواب ، قد انعقدت على
حنايا من العاج والأبنوس المرصّع بالذهب وأصناف الجواهر ، قامت على سواري من
الرّخام الملون والبلور الصافي.
وكانت الشّمس تدخل
على تلك الأبواب ، فيضرب شعاعها في صدر المجلس وحيطانه ، فيصير من ذلك نور يأخذ
بالأبصار.
وكان الناصر إذا
أراد أن يفزّع أحدا من أهل مجلسه أومأ إلى أحد صقالبته ، فيحرّك ذلك الزئبق ،
فيظهر في المجلس لمعان كلمعان البرق