أنه قال : «في كل أمّة محدّثين (١) أو مروّعين ، فإن يكن في هذه الأمة أحد فإن عمر بن الخطّاب منهم» [٩٥٣٤].
يرويه محمّد بن عبد الله الأنصاري عن أشعث عن الحسن.
قوله : محدّثين : يريد قوما يصيبون إذا ظنّوا ، وإذا حدسوا يقال : رجل محدّث ، وإنّما قيل له ذلك لأنه يصيب رأيه ، ويصدق ظنّه إذا توهم فكأنه حدّث بشيء فقاله.
ومنه قول علي ـ رحمهالله ـ في ابن عباس : إنه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق (٢) وقال الشاعر :
وأبغي صواب الظّنّ أعلم أنه |
|
إذا طاش ظنّ المرء طاشت مقادره |
وقال أوس بن حجر (٣) :
الألمعي الذي يظنّ لك |
|
الظن كأن قد رأى وقد لمعا (٤) |
ويقال في بعض الأمثال : من لم ينفعك ظنّه لم ينفعك يقينه.
والمروّع : الذي ألقي في روعه الشيء ، كأن الله جل وعزّ ألقاه فيه فقاله ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إنّ روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها ، فاتّقوا الله ، وأجملوا في الطلب» [٩٥٣٥].
والرّوع في النفس ، يقال : وقع كذا في روعي ، أي في خلدي ونفسي ، وكان عمر رحمهالله يقول الشيء ، ويظنّ الشيء ، فيكون كما قال ، وكما ظن ، كقوله في سارية بن زنيم الدؤلي ، وكان ولّاه جيشا ، فوقع في قلب عمر أنه لقي العدو ، وأن جبلا بالقرب منه ، فجعل عمر يناديه : يا سارية الجبل الجبل ، ووقع في قلب سارية ذلك ، فاستند هو وأصحابه إلى الجبل ، فقاتلوا العدو من جانب واحد ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله جعل الحقّ على لسان عمر» ، وفي حديث آخر : «إنّ السكينة تنطق على لسان عمر» ، هذا أو نحوه من الكلام.
وروي في بعض الحديث : أن المحدّث هو الذي تنطق الملائكة على لسانه (٥).
__________________
(١) كذا بالأصل وم و «ز» ، والصواب : «محدثون أو مروعون» وإلا فبزيادة : «إن» في أول الحديث : إن في كل أمة محدثين ...
(٢) بالأصل : «ستورقين» وفي م : «ستو رفيق» والمثبت عن «ز» : ستر رقيق.
(٣) ديوان أوس بن حجر طبع بيروت ص ٥٣.
(٤) كذا بالأصل ، وبعدها : سمعا ، وفي «ز» : «لمعا» وفوقها : سمعا وفي الديوان : وقد سمعا.
(٥) بعدها كتب في «ز» : إلى.