أخبرنا أبو بكر محمّد بن الحسين ، وأبو البقاء عبيد الله بن مسعود بن عبد العزيز الرازي ، وأبو بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد بن الأشقر القزاز ، قالوا : أنا أبو الحسين بن المهتدي (١) ، أنا أبو الحسن الحربي ، نا ابن عبدة القاضي ـ يعني محمّد بن عبدة بن حرب ـ نا إبراهيم ـ وهو ابن الحجاج ـ عن حمّاد ، عن عبد الملك بن عمير ، وعاصم بن بهدلة ، عن زرّ بن حبيش ، عن ابن مسعود قال :
لقي رجل شيطانا في سكة من سكك المدينة ، فصارعه فصرعه الرجل ، فقال له الشيطان : دعني فإنّك إن تدعني أخبرك بشيء يعجبك ، فتركه ، وقال : أخبرني ، فأبى أن يخبره فصارعه فصرعه الثالثة ، فعض إصبعه وقال : لا والله لا أدعك حتى تخبرني ، فقال : هل تقرأ سورة البقرة؟ قال : نعم ، قال : فإنّ الشيطان لا يسمع منها شيئا إلّا أدبر وله خبج كخبج الحمار.
فقيل لابن مسعود : من ذلك الرجل؟ قال : ومن عسى أن يكون إلّا عمر بن الخطّاب؟
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا أبو إسماعيل الترمذي ، نا أبو نعيم ، نا أبو عاصم الثقفي محمّد بن أبي أيوب ، نا الشعبي قال : قال ابن مسعود :
لقي رجل من أصحاب محمّد رجلا من الجن فصارعه فصرعه الإنسي فقال له الجني : عاودني ، فعاوده ، فصرعه الإنسي ، فقال له الإنسي : إنّي لأراك ضئيلا شخيتا (٢) ، كأن ذريعتيك (٣) ذريعتي كلب ، أفكذلك أنتم معاشر الجن أم أنت منهم كذا؟ قال : والله إنّي منهم لضليع (٤) ، ولكن عاودني الثالثة ، فإن صرعتني علّمتك شيئا ينفعك ، قال : فعاوده فصرعه ، قال : هات علّمني ، قال : هل تقرأ آية الكرسي؟ قال : نعم ، قال : فإنك لا تقرأها في بيت إلّا أخرج منه الشيطان ثم لا يدخله حتى يصبح.
__________________
(١) في «ز» : المقتدي ، تصحيف.
(٢) الشخيت : النحيف الجسم ، والمهزول (راجع اللسان : شخت).
(٣) ذريعتيك ذريعتي كلب : الذريعة : تصغير ذراع. ولحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة ، وقد تذكر فيهما (تاج العروس : ذرع).
(٤) الضليع : القوي الشديد ، وقيل هو الطويل الأضلاع العظيم الخلق ، الضخم ، ومنه الحديث : أن عمر صارع جنيا فصرعه عمر ، ثم قال له : ما لذراعيك كأنهما ذراعا كلب؟ يستضعفه بذلك ، فقال له الجني : أما إني منهم لضليع ، أي عظيم الخلق شديد (تاج العروس : ضلع).