يؤكل ، وإنّا بأرض ذات ريف ، وإنّ أميرنا يغشى ، وإن طعامه يؤكل ، قال : فنكّس عمر ساعة ، ثم رفع رأسه ، فقال : قد فرضت لكم من بيت المال شاتين وجريبين (١) ، فإذا كان بالغداة فضع إحدى الشاتين على أحد الجريبين فكل أنت وأصحابك ، ثم ادع بشراب فاشرب ، قال أبو محمّد : يعني الشراب الحلال ـ ثم اسق الذي عن يمينك ، ثم الذي يليه ، ثم قم لحاجتك ، فإذا كان بالعشيّ فضع الشاة الغابرة على الجريب الغابر ، فكل أنت وأصحابك (٢) ، ألا وأشبعوا الناس في بيوتهم ، وأطعموا عيالهم ، فإنّ تجفينكم (٣) للناس لا يحسن أخلاقهم ، ولا يشبع جائعهم ، وو الله مع ذلك ما أظن رستاقا يؤخذ منه كلّ يوم شاتان وجريبان إلّا يسرع ذلك في خرابه.
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا أبو الحسن رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن يونس ، نا روح بن عبادة ، نا حمّاد بن سلمة ، عن الجريري ، عن أبي نضرة ، عن الربيع بن زياد الخارفي (٤).
أنه وفد على عمر بن الخطّاب فأعجبه هيئته ، فشكا عمر وجعا به ، من طعام غليظ يأكله ، فقال له : يا أمير المؤمنين إنّ أحق الناس بمطعم طيب وملبس لين ، ومركب وطيء لأنت ، وكان متكئا ، وبيده جريدة نخل ، فاستوى جالسا ، فضرب به رأس الربيع بن زياد وقال له : والله ما أردت بهذا إلّا مقاربتي وإن كنت لأحسب فيك خيرا ، ألا أخبرك بمثلي ومثل هؤلاء ، إنا مثلنا كمثل قوم سافروا فدفعوا نفقتهم إلى رجل منهم ، فقالوا : أنفق علينا ، فهل له أن يستأثر عليهم بشيء؟ قال : لا.
أخبرنا أبو محمّد عبد الجبار بن محمّد ، أنا علي بن أحمد بن محمّد ، أنا أبو بكر التميمي ـ يعني أحمد بن محمّد بن أحمد ـ أنا أبو الشيخ الحافظ ، نا إبراهيم بن محمّد بن الحسن ، نا أبو الربيع سليمان بن داود ، نا ابن وهب ، أخبرني عمرو بن الحارث ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن موسى بن سعد ، عن سالم بن عبد الله.
__________________
(١) مثنى جريب ، والجريب : مكيال قدر أربعة أقفزة ، والقفيز مكيال ثمانية مكاكيك والمكوك مكيال يسع صاعا ونصف صاع.
(٢) من قوله : قال أبو محمد ... إلى هنا مكرر بالأصل.
(٣) التجفين : دعوة الناس إلى الجفان ، يقال : جفن الناقة إذا نحرها وأطعم لحمها في الجفان.
(٤) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : الخارجي.