عيشا ، إني والله ما أجهل عن كراكر وأسنمة](١) وعن صلاء وصناب وصلائق ، ولكني وجدت الله ـ عزوجل ـ عيّر قوما بأمر فعلوه ، فقال : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا)(٢).
قال جرير بن حازم : الصّلاء : الشواء ، والصناب : الخردل ، والصّلائق : خبز الرقاق.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ، وأبو بكر بن إسماعيل ، قالا : نا يحيى بن محمّد بن صاعد ، نا الحسين (٣) بن الحسن ، أنا عبد الله بن المبارك (٤) ، أنا جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يقول :
قدم على عمر أمير المؤمنين وفد من أهل البصرة مع أبي موسى الأشعري ، قال : فكنا ندخل عليه وله كلّ يوم خبز (٥) ثلاث (٦) ، وربما [وافيناه](٧) مأدوما (٨) بسمن ، وأحيانا بزيت ، وأحيانا باللبن ، وربما وافقنا (٩) القدائد اليابسة قد دقت ، ثم أغلي بماء ، وربما وافقنا اللحم الغريض وهو قليل ، فقال لنا يوما : والله لقد أرى تعذيركم وكراهيتكم طعامي ، وإنّي والله لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرقكم عيشا ، أما والله ما أجهل عن كراكر (١٠) وأسنمة وعن صلاء ، وعن صلائق ، وصناب.
قال جرير : الصّلاء : الشواء ، والصّناب : الخردل ، والصّلائق : الخبز الرقاق ، ولكنى سمعت الله عيّر قوما بأمر فعلوه ، فقال : (أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا ، وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها) قال : فكلمنا أبو موسى فقال : لو كلّمتم أمير المؤمنين ففرض لكم من بيت المال طعاما تأكلونه ، قال : فكلّمناه فقال : يا معشر الأمراء ، أما ترضون لأنفسكم ما أرضى لنفسي ، قال : فقلنا : يا أمير المؤمنين ، إنّ المدينة أرض العيش بها شديد ، ولا نرى طعامك يغشى ، ولا
__________________
(١) بياض بالأصل ، مقداره كلمة ، والزيادة بين معكوفتين عن م و «ز» ، وفي «ز» : «أطيبكم طعاما».
(٢) سورة الأحقاف ، الآية : ٢٠.
(٣) بالأصل وم و «ز» : الحسن بن الحسن ، تصحيف ، والمثبت قياسا إلى سند مماثل ، والزهد لابن المبارك ، انظر الحاشية التالية.
(٤) رواه عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد والرقائق ، في باب ما جاء في الفقر ص ٢٠٤ رقم ٥٧٩.
(٥) «خبر» كتبت فوق السطر في «ز».
(٦) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الزهد : يلتّ.
(٧) بياض بالأصل وم و «ز» ، والمثبت عن الزهد.
(٨) كذا بالأصل وم و «ز» ، وفي الزهد : مأدم.
(٩) الأصل : وافق ، والتصويب عن م ، و «ز» ، والزهد.
(١٠) الكراكر واحدتها كركرة ، بالكسر ، وهي : رحى زور البعير والناقة الذي إذا برك أصاب الأرض ، وهي ناتئة عن جسمه كالقرصة (تاج العروس بتحقيقنا : كرر).