حاجته ، واجتمع نفر من المهاجرين فيهم عثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، فقال الزبير : لو قلنا لعمر في زيادة نزيدها إيّاه في رزقه ، فقال علي : وددنا أنه فعل ذلك ، فانطلقوا بنا ، فقال عثمان : إنه عمر؟! فهلموا فلنستشر (١) ما عنده من وراء وراء ؛ نأتي حفصة فنكلمها ، ونستكتمها أسماءنا ، فدخلوا عليها ، وسألوها أن تخبر بالخبر عن نفر ، ولا تسمي أحدا له إلّا أن يقبل. وخرجوا من عندها.
فلقيت عمر في ذلك ، فعرفت الغضب في وجهه ، فقال : من هؤلاء؟ قالت : لا سبيل إلى علمهم حتى أعلم ما رأيك ، فقال : لو علمت من هم لسوّأت (٢) وجوههم. أنت بيني وبينهم ، أناشدك الله ، ما أفضل ما اقتنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم في بيتك من الملبس؟ قالت : ثوبين ممشقين كان يلبسهما للوفد ، ويخطب فيهما الجمع ، قال : فأي طعام ناله عندك أرفع؟ قالت : خبزنا خبز شعير نصبّ عليها وهي حارة أسفل عكة لنا ، فجعلناها هنيّة (٣) دسماء حلوة ، نأكل منها ونطعم منها استطابة لها. قال : فأي مبسط (٤) كان يبسطه عندك كان أوطأ؟ قالت : كساء لنا ثخين كنا نرفعه في الصيف ، فنجعله تحتنا ، فإذا كان الشتاء انبسطنا نصفه وتدثرنا نصفه. قال : يا حفصة فأبلغيهم عني أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدر موضع الفضول مواضعها ، وتبلغ بالترجية (٥) ، وإنما مثلي ومثل صاحبي كثلاثة نفر سلكوا طريقا ، فمضى الأول وقد تزود زادا ، فبلغ ، ثم اتبعه الآخر ، فسلك طريقه فأفضى إليه ، ثم اتبعهما الثالث ، فإن لزم طريقهما ، ورضي بزادهما لحق بهما ، وكان معهما ، وإن سلك غير طريقهما لم يجامعهما أبدا.
أخبرنا أبو غالب محمّد بن الحسن ، أنا أبو الحسن السّيرافي ، نا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٦) ، نا وكيع ، عن الأعمش ، عن أبي وائل.
في حديث ذكره : أن أبا بكر بعث عمر بن الخطّاب ، فأقام الحج للناس ـ يعني سنة إحدى عشرة ـ.
قال : ونا خليفة (٧) ، نا أمية بن خالد ، عن عبد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر.
__________________
(١) بالأصل وم و «ز» : «فلنستشير» تصحيف.
(٢) تقرأ بالأصل : «لسودت» وفي م : «لسوب» والمثبت عن «ز».
(٣) بالأصل وم : «هسسه» وفي «ز» : «هنسة» وفي المختصر : «هينة دسما ، حلوة» والمثبت يوافق المطبوعة.
(٤) في «ز» ، والمختصر : بسط.
(٥) بالأصل وم : بالتوجيه ، والمثبت عن «ز» ، والمختصر.
(٦) راجع تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١١٧.
(٧) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ١٢٠.