عزوجل وإلى رضى المسيح ومريم عنك وزيارة أبي محمّد إيّاك فقولي : «أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أنّ محمّدا رسول الله» ، فلمّا تكلّمت بهذه الكلمة ضمّتني سيّدة النساء إلى صدرها فطيّبت نفسي وقالت : الآن توقّعي زيارة أبي محمّد إيّاك فإنّي منفذته إليك. فانتبهت وأنا أقول : واشوقاه إلى لقاء أبي محمّد.
فلمّا كانت الليلة القابلة جاءني أبو محمّد في منامي فرأيته كأنّي أقول له : لم جفوتني يا حبيبي بعد أن شغلت قلبي بجوامع حبّك؟ فقال : ما كان تأخيري عنك إلّا لشركك وإذ قد أسلمت فأنا زائرك كلّ ليلة إلى أن يجمع الله شملنا في العيان ، فما قطع زيارته عنّي بعد ذلك إلى هذه الغاية.
قال بشر : فقلت لها : وكيف صرت في الأسارى؟
فقالت : أخبرني أبو محمّد ليلة من الليالي أنّ جدّك سيسير جيوشا إلى قتال المسلمين يوم كذا وكذا ثمّ يتبعهم فعليك باللحاق متنكّرة في زيّ الخدم مع عدّة من الوصائف من طريق كذا ، ففعلت فوقعت علينا طلايع المسلمين حتّى كان من أمري ما رأيت وما شاهدت وما شعر أحد بأنّني ابنة ملك الروم إلى هذه الغاية سواك ، وذلك باطّلاعي إيّاك عليه. ولقد سألني الشيخ الذي وقعت إليه في سهم الغنيمة عن اسمي فأنكرته وقلت : نرجس. فقال : اسم الجواري.
فقلت : العجب إنّك روميّة ولسانك عربيّ؟!
فقالت : بلغ من ولوع جدّي وحمله إيّاي على تعليم الآداب أن أوعز إلى امرأة ترجمان له في اختلاف إليّ فكانت تقصدني صباحا ومساء وتفيدني العربيّة حتّى استمرّ عليها لساني واستقام.
قال بشر : فلمّا انكفأت بها إلى سرّ من رأى دخلت على مولانا أبي الحسن ، فقال لها : كيف أراك الله عزّ الإسلام وذلّ النصرانيّة وشرف أهل بيت محمّد صلىاللهعليهوآله؟ قالت : كيف أصف لك يابن رسول الله ما أنت أعلم به منّي.