أقول : وجدير بأولي الهمم العالية عمارة بركة السباع التي ليس شأنها بأقلّ الموضع المعروف ب «قدمكاه» في طريق خراسان حيث أنّ الزوّار يزدحمون على استلامه وتقبيله كاستلام الحاجّ الحجر الأسود ، و «قدمكاه» هو حجرة صغيرة في وسط حديقة متكاثفة الأشجار وعليها قبّة عظيمة ، وفي اتجاه الحجر أيوان كبير وفي حائط الحجرة حجر منصوب عليه أثر قدمي إنسان يزعمون أنّه أثر قدمي الإمام أبي الحسن الرضا عليهالسلام ، وفي جنوبي الحجرة عين نابعة ماؤها من أعذب المياه ، وفي فصل الصيف بارد جدّا يزعمون أنّ الإمام الرضا عليهالسلام اغتسل فيها ، ولعمري إنّ لبركة السباع مزيد اختصاص في سامرّاء حيث أنّها مظهر معجزة الإمامين عليّ الهادي والحسن العسكري عليهماالسلام حيث خضعت السباع لهما وتذلّلت بين أيديهما ، وهو أيضا مصلّى الإمام الحسن العسكري عليهالسلام.
فقد روى القطب الراوندي في الخرايج قال : ظهرت في أيّام المتوكّل امرأة تدّعي أنّها زينب بنت أمير المؤمنين عليّ عليهالسلام من فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، فقال لها المتوكّل : أنت امرأة شابّة وقد مضى من وقت رسول الله صلىاللهعليهوآله ما مضى من السنين. فقالت : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مسح على رأسي وسأل الله أن يردّ شبابي في كلّ أربعين سنة ولم أظهر للناس إلى هذه الغاية فلحقتني الحاجة فصرت إليهم.
فدعا المتوكّل مشايخ آل أبي طالب وولد العبّاس فعرّفهم حالها ، فروى جماعة وفاة زينب بنت فاطمة في سنة كذا ، فقال لها : ما تقولين في هذه الرواية؟ فقالت : كذب وزور فإنّ أمري كان مستور من الناس فلم يعرف لي موت ولا حياة. فقال لهم المتوكّل : هل عندكم الحجّة على هذه المرأة غير هذه الرواية؟ قالوا : لا. فقال : أنا بريء من العبّاس أن أتركها عمّا ادّعت إلّا بحجّة.
قالوا : فأحضر عليّ بن محمّد فلعلّ عنده شيئا من الحجّة غير ما عندنا ، فبعث إليه فحضر فأخبره بخبر المرأة ، فقال عليهالسلام : كذب فإنّ زينب توفّيت في شهر كذا في