عبد الله بن روح ، نا (١) ، نا أبو بكر الهذلي ، عن الحسن (٢) قال :
لما قدم علي البصرة قام إليه ابن الكوّا ، وقيس بن عباد فقالا له : ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه ، تتولى على الأمة ، تضرب بعضهم ببعض أعهد من رسول الله صلىاللهعليهوسلم عهد إليك؟ فحدثناه فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت ، قال : أما أن يكون عندي من النبي صلىاللهعليهوسلم عهدا في ذلك ولا والله إن كنت من أول من صدّق به فلا أكون أول من كذب عليه ، ولو كان عندي من النبي صلىاللهعليهوسلم في ذلك عهد ما تركت أخا تيم بن مرة ، وعمر بن الخطاب يقومان على منبره ولقاتلتهما بيدي ، ولو لم أجد إلّا بردي هذا ، ولكن رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يقتل قتلا ، ولا مات فجأة ، مكث في مرضه أياما وليالي يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة ، فيأمر أبا بكر يصلّي بالناس ، وهو يرى مكاني ، ثم يأتيه المؤذن فيؤذنه بالصلاة فيأمر أبا بكر فيصلّي بالناس ، وهو يرى مكاني ، ولقد أرادت امرأة من نسائه أن تصرفه عن أبي بكر فأبى وغضب وقال : «أنتن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر يصلّي بالناس» ، فلما قبض الله نبيّه نظرنا في أمورنا فاخترنا لدنيانا من رضيه النبي صلىاللهعليهوسلم لديننا ، فكانت الصلاة أصل الإسلام وقوام الدين ، وهو أمين الدين (٣) ، فبايعنا أبا بكر ، فكان لذلك أهلا ، لم يختلف عليه منا اثنان ، ولم يشهد بعضنا على بعض ، ولم نقطع منه البراءة ، فأدّيت إلى أبي بكر حقه ، وعرفت له طاعته ، وغزوت معه في جنوده ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي ، فلما قبض ـ رضياللهعنه ـ ولاها عمر ، فأخذها بسنّة صاحبه ، وما يعرف من أمره ، فبايعنا عمر لم يختلف عليه منا اثنان ، ولم يشهد بعضنا على بعض ، ولم نقطع منه البراءة ، فأدّيت إلى عمر حقه ، وعرضت طاعته ، وغزوت معه في جيوشه ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي.
فلما قبض تذكرت في نفسي قرابتي وسالفتي وفضلي ، وأنا أظن أن لا يعدل بي ، ولكن خشي أن لا يعمل الخليفة بعده دما (٤) إلّا لحقه في قبره ، فأخرج نفسه (٥) وولده ولو كانت
__________________
(١) بالأصل : ناسر ثم بعدها بياض ، والكلام متصل في م وفيها : نا عبد الله بن روح نا أبو بكر الهذلي.
وفي تاريخ الإسلام : ثنا عبد الله بن روح ، ثنا شبابة ، ثنا أبو بكر الهذلي.
(٢) رواه الذهبي في تاريخ الإسلام (الخلفاء الراشدون) ص ٦٤٠ وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٢٠٩ نقلا عن ابن عساكر.
(٣) في تاريخ الإسلام : «وهي أعظم الأمر» وفي تاريخ الخلفاء : وهي أمير الدين.
(٤) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» ، وتاريخ الخلفاء وتاريخ الإسلام : ذنبا.
(٥) غير مقروءة في «ز».