محاباة منه لا يرثها (١) ولده وبرئ منها إلى رهط من قريش ستة أنا أحدهم.
فلما اجتمع الرهط تذكرت في نفسي قرابتي وسالفتي وأنا أظن أن لا يعدلوا بي ، فأخذ عبد الرّحمن مواثيقنا على أن نسمع ونطيع لمن ولا الله (٢) أمرنا ، ثم أخذ بيد عثمان ، فضرب بيده على يده ، فنظرت في أمري فإذا طاعتي قد سبقت بيعتي ، وإذا ميثاقي قد أخذ لغيري ، فبايعنا عثمان ، فأديت إليه حقّه ، وعرفت له طاعته ، وغزوت معه في جيوشه ، وكنت آخذ إذا أعطاني ، وأغزو إذا أغزاني ، وأضرب بين يديه الحدود بسوطي ، فلما أصيب نظرت في أمري ، فإذا الخليفتان اللذان أخذاها بعهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم إليها بالصلاة قد مضيا ، وهذا الذي أخذ له ميثاقي قد أصيب ، فبايعني أهل الحرمين وأهل هذين المصرين.
أخبرنا أبو عبد الله الفقيه ، أنا أبو بكر البيهقي ، نا الإمام أبو الطيب سهل بن محمّد بن سليمان ـ إملاء ـ نا أبو محمّد عبد الله بن محمّد بن علي الدقاق ، أنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المديني ، نا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي في مسنده ، نا عبدة بن سليمان ، نا سالم المرادي ، أبو العلاء قال : سمعت الحسن يقول :
لما قدم علي البصرة في أثر طلحة وأصحابه ، قام عبد الله بن الكواء وابن عباد فقالا : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن مسيرك أوصية أوصاك بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم أم عهد عهده إليك ، أم رأي رأيته حين تفرقت الأمة ، واختلفت كلمتها؟ فقال : ما أكون أدل كاذب عليه ، والله ما مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجأة ولا قتل قتلا ، ولقد مكث في مرضه ، كل ذلك يأتيه المؤذن يؤذنه بالصلاة ، فيقول : «مروا أبا بكر ليصلّ بالناس» [٩٠٢٠] ولقد تركني وهو يرى مكاني ، ولو عهد إليّ شيئا لقمت به ، حتى عرضت في ذلك امرأة من نسائه فقالت : إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر أن يصلى بالناس ، فقال لها : «إنكن صواحب يوسف» [٩٠٢١] فلما قبض رسول الله صلىاللهعليهوسلم نظر المسلمون في أمرهم ، فإذا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قد ولّى أبا بكر أمر دينهم فولوه أمر دنياهم ، فبايعه المسلمون وبايعته معهم ، فكنت أغزو إذا أغزاني ، وآخذ إذا أعطاني ، وكنت شرطا بين يديه في إقامة الحدود ، فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده ، [فأشار بعمر ولم يأل ، فبايعه المسلمون وبايعته معهم فكنت أغزو إذا أغزاني ، وآخذ إذا أعطاني ، وكنت سوطا بين يديه ،](٣) وكره أن ينتخب منا معشر
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل : لا يرثها ولده ، ومثلها في م ، وفي «ز» : لأورثها ، وفي تاريخ الخلفاء وتاريخ الإسلام : لآثر.
(٢) كذا بالأصل وم وتاريخ الخلفاء وتاريخ الإسلام ، وفي المطبوعة : لمن ولاه أمرنا.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل واستدرك عن م ، و «ز» ، والمطبوعة.