قال : فتضعضعت لذلك ، ثم قال : «يا عدي أسلم تسلم ، فإني قد أظن أو قد أرى أو كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنّه مما يمنعك أن تسلم خصاصة تراها بمن حولي ، وإنك ترى الناس علينا إلبا واحدا» ، قال : «هل أتيت الحيرة؟» قلت : لم آتها ، وقد علمت مكانها ، قال : توشك الظعينة أن ترتحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت ، ولتفتحن علينا كنوز كسرى بن هرمز (١) ، قلت : كسرى بن هرمز؟ قال : «كسرى بن هرمز» ـ مرتين ـ [أو ثلاثا ، وليقبضن المال حتى يهم الرجل من يقبل منه ماله صدقة».
قال : فلقد رأيت اثنتين ، قد رأيت](٢) الظعينة ترتحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت ، وقد كنت في أول خيل غارت على المدائن على كنوز كسرى بن هرمز ، وأحلف الله لتجيئن الثالثة إنه لقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمولى.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، وأبو الحسن محمّد بن أحمد بن محمّد بن بويه ، قالا : أنا أبو الحسين بن النقور ، أنا عيسى بن علي ، أنا عبد الله بن محمّد البغوي ، نا إسحاق بن إبراهيم المروزي ، نا حمّاد بن زيد ، عن أيوب ، عن محمّد بن سيرين ، عن أبي عبيدة بن حذيفة قال :
كنت أسأل عن حديث عدي بن حاتم وهو إلى جنبي ، فقلت : لا آتيه فأسأله ، فأتيته ، فسألته ، فقال : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين بعث فكرهته أشدّ ما كرهت شيئا قط ، فانطلقت حتى إذا كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم ، فكرهت مكاني ذلك مثل ما كرهته أو أشدّ ، فقلت : لو أتيت هذا الرجل ، فإن كان كاذبا لم يخف عليّ ، وإن كان صادقا اتّبعته ، فأقبلت ، فلما قدمت المدينة استشرفني الناس وقالوا : عدي بن حاتم ، عدي بن حاتم ، فأتيته ، فقال لي : «يا عدي بن حاتم أسلم تسلم» ، قلت : إن لي دينا ، قال : «أنا أعلم بدينك منك» ، قلت : أنت أعلم بديني منّي؟ قال : «نعم ، أنا أعلم بدينك منك» ـ مرتين أو ثلاثا ـ قال : «ألست برأس قومك؟» قال : قلت : بلى ، قال : «ألست ركوسيا (٣)؟» ألست تأخذ المرباع؟ قلت : بلى ، قال : فإن ذلك لا يحل في دينك ، قال : فتضعضعت لذلك ثمّ قال : «يا عدي أسلم تسلم» ، قال : قد أظن أو قد أرى أو كما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنه مما يمنعك أن تسلم خصاصة تراها ممن حولي ، إنّك ترى الناس علينا إلبا واحدا ، قال : أهل أتيت الحيرة؟ قال : لم آتها ، وقد علمت مكانها ، قال : «توشك الظعينة أن ترتحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف
__________________
(١) بالأصل : «وليفتحن علينا أبو ركينة بن أبي هرمز» صوبنا الجملة عن م.
(٢) الزيادة بين معكوفتين عن م وتاريخ الإسلام.
(٣) رسمها مضطرب بالأصل والمثبت عن م.