أحمد بن محمّد بن رزقويه ، أنبأنا أحمد بن سندي ، نا الحسن (١) بن علي القطان ، نا إسماعيل بن عيسى ، نا علي بن عاصم ، أخبرني عمران بن حدير ، عن أبي مجلز قال :
جاء ابن عباس (٢) إلى ابن سلام وقال : إنّي جئتك أسألك عن أشياء ، فقال له ابن سلام : وأنت تقرأ القرآن؟ قال : نعم ، وإن كنت أقرأ القرآن ، قال : ما لي أرى اليهود قالوا : عزير ابن الله ، وقد كان فيهم موسى وهارون وداود وسليمان والأنبياء فلم يقولوا لأحد منهم هذا ، وقالوا لعزير؟ وما بال سليمان تفقد الهدهد من بين الطير ، وسمعت الله تعالى يذكر تبّعا فلم يذمه وذمّ قومه؟.
قال : نعم إنّ تبعا غزا بيت المقدس فسبا أولاد الأحبار فقدم بهم على قومه ، قال : فأعجب بفتية منهم ، قال : فجعل يدنيهم ويسمع منهم ، وجعل الفتية يخبرونه عن الله وما في الآخرة ، قال : فأعجب بهم فجعلهم في سره دون قومه ، فتكلّم قومه في ذلك فقالوا : إنّ هؤلاء الفتية قد غلبوا على نوح ويخاف أن يدخلوه في دينهم ، فبلغ تبّعا ما يقول قومه ، فأرسل إلى الفتية فدخلوا عليه ، فقال لهم : ألا تسمعون ما يقول قومي ، قال الفتية : بيننا وبينهم النصف (٣) ، قال : وما هو؟ قالوا : النار التي تحرق الكاذب (٤) ويبرأ فيها الصادق.
قال : فأرسل تبّع إلى أحبار قومه ، فأدخلهم عليه ، فلما دخلوا عليه قال لهم : اسمعوا ما يقول هؤلاء؟ قالوا : وما يقولون؟ قال : يقولون إنّ لنا ربا هو خلقنا وإليه نعود ، وإنّ بين أيدينا جنة ونارا ، فإن أبيتم علينا هذا فبيننا وبينكم النار التي تحرق الكاذب وينجو منها الصادق.
قال : فقال قوم تبّع : قد رضينا ، قال : فخرج تبّع وقومه ، وأخرج الناس معه ، وأمر بالفتية (٥) ، فأخرجوا ، قال : وكانت النار تقبل ، حتى إذا كانت قريبة من الناس ركدت فلم تبرح.
قال : فلما خرج الفتية أقبلت النار حتى إذا كانت قريبة منهم ركدت ، قال تبّع للفتية : هذه النار قد أقبلت فتوجهوا نحوها ، قال : فتوجه الفتية نحوها ، قال : وكانت إذا توجه قبلها انفرقت فرقتين ، فإذا دخلوها وتوسطوها ، إن كانوا ليسوا بأهلها جاوزوها ، فإذا جاوزوها
__________________
(١) الأصل : الحسين ، تصحيف ، والتصويب عن م ، تقدم التعريف به.
(٢) الخبر من طريق ابن عساكر رواه ابن كثير في البداية والنهاية ١ / ٥٤ مختصرا.
(٣) كذا بالأصل وم ، وفي المختصر : المنصف.
(٤) الأصل : الكافرين ، والمثبت باعتبار السياق ، عن م ، والمختصر وسترد صوابا بعد أسطر.
(٥) الأصل : «وأمرنا بالبينة» والتصويب عن م.