فيمن أخبرني به علي بن سليمان الأخفش ، عن السكري ، عن محمّد بن حبيب عنه ، وعن هشام بن الكلبي (١) قال :
كان سبب نزول عدي بن زيد الحيرة أن جده أيوب بن محروف كان منزله اليمامة في بني امرئ القيس بن زيد مناة ، فأصاب دما في قومه ، فهرب ، فلحق بأوس بن قلّام ، أحد بني الحارث بن كعب بالحيرة ، وكان بين أيوب وبين أوس بن قلّام هذا نسب من قبل النساء فلما قدم عليه أيوب أكرمه وأنزله في داره ، فمكث معه ما شاء أن يمكث ، ثم إن أوسا قال له : يا ابن خال ، أتريد المقام عندي وفي داري؟ فقال له أيوب : نعم ، فقد علمت أنّي إن أتيت قومي وقد أصبت فيهم دما لم أسلم ، وما لي دار إلّا دارك آخر الدهر ، قال : قال : قد كبرت وأنا خائف أن أموت ولا يعرف ولدي لك من الحقّ مثل ما أعرف ، وأخشى أن يقع بينك وبينهم أمر يقطعون فيه الرحم ، فانظر أحبّ مكان في الحيرة إليك فأعلمني به لأقطعكه ، أو أبتاعه لك ، قال : وكان لأيوب صديق في الجانب الشرقي من الحيرة وكان منزل أوس في الجانب الغربي فقال له : قد أحببت أن (٢) يكون المنزل الذي تسكنّيه عند منزل عصام بن ععدة (٣) أحد بني الحارث بن كعب ، فابتاع له موضع داره بثلاثمائة أوقية من ذهب ، وأنفق عليها مائتي أوقية من ذهب ، وأعطاه مائتين من الإبل برعاتها وفرسا وقينة فمكث في منزل أول حتى هلك ، ثم تحوّل إلى داره التي في شرقي الحيرة ، فهلك بها ، وقد كان اتصل قبل مهلكه للملوك الذين كانوا بالحيرة ، وعرفوا حقّه وحق ابنه زيد بن أيوب ، فلم يكن منهم ملك يملك إلّا ولولد (٤) أيوب منه جوائز وحملان (٥) ، ثم إن زيد بن أيوب نكح امرأة من آل قلّام فولدت له حمارا (٦) ، فخرج زيد بن أيوب في يوم من الأيام يريد الصيد في ناس من أهل الحيرة متبدون (٧) بحفير (٨) المكان الذي يذكره عدي بن زيد في شعره ، فانفرد في الصيد فتباعد من أصحابه ، فلقيه رجل من امرئ القيس الذين كان لهم الثأر قبل أبيه ، فقال له وقد عرف فيه شبه أيوب : ممن الرجل؟ قال : من بني تميم ، قال : من أيهم؟ قال : من مرئي ، قال له
__________________
(١) كذا بالأصل وم ، والذي في الأغاني : عن هشام بن الكلبي عن أبيه قال.
(٢) الأصل : ما ، والمثبت عن م والأغاني.
(٣) الأصل وم ، وفي الأغاني : عبدة.
(٤) الأصل : ولد ، والتصويب عن م والأغاني.
(٥) الحملان : ما يحمل عليه من الدواب ، خاصة في الهبة.
(٦) الأصل وم ، وفي الأغاني : حمادا.
(٧) كذا بالأصل وم ، والصواب : «متبدين» ، أي المقيمين بالبادية ، وفي الأغاني : وهم متندّون.
(٨) الأصل : بحفيرة ، والمثبت عن م والأغاني ، والحفير موضع بالحيرة ذكره البكري في معجم ما استعجم.