عن هذه العلوم وعن عداوتهم لها ، والريبة فيها ، ولكن الجهر هكذا بوجوب
ادخالها الى الأزهر ، برهان ساطع على أن روحا جديدة قد ابتدأت تجتاح الأزهر في ذلك
الوقت وان كان دخول تلك العلوم لم يتم إلا في عصر عباس الثاني بن إسماعيل.
أما في تلك
الحقبة من الزمن فقد كانت أهمية كل علم من العلوم تقف لا باعتبار قيمته الموروثة ،
بل باعتبار شيوعه واقبال الطلاب عليه ، فإننا نرى ان اعلاها مرتبة وهو علم الفقه
لأهميته في الحياة العلمية ولكثرة الوظائف التي يؤهل لها.
كما عظم اقبال
الطلبة على علوم اللغة والبلاغة ودروس المبادىء التي كانت تخصص الناشئة من الأغراب
والأجانب ، وكان أهم العلوم دراسة هو علم الكلام أو التوحيد ويليه تفسير القرآن
والحديث الشريف.
وكان لمذاهب
اهل السنة دائما أثر كبير في الأزهر وبخاصة في ادارته ، فقد أخرج الشيعة منذ ايام
الفاطميين ، أما الحنابلة فلم يعين واحد منهم شيخا لقلة عددهم وضعف نفوذهم ، وكان
للمالكية الذين يعيشون غالبا في صعيد مصر وفي بلاد الدلتا مقام كبير محترم وان قل
منهم من تولى مشيخة الأزهر ، ولم يعلموا قط الاحتفاظ بالنفوذ الذي يخوله لهم كثرة
عددهم فظلت المنافسة محصورة دائما بين الشافعية أتباع المذهب السائد وأتباع المذهب
الحنفي الذي كان مذهب الباب العالي واتباعه التتر والقوقاز والترك والذين كانوا
ذوي نفوذ كبير عدة قرون. وهذا الخلاف استغله الحكام لبسط نفوذهم على البلاد ،
ولتحويل الأزهريين الذين كانوا يتقربون اليهم إلى المذهب الحنفي.
وقد قامت بين
رجال الدين والمتصوفة كثير من المشاحنات هددت مراكز رجال الدين في كثير من
الأحيان. وان كان المتصوفة قد تعرضوا لمهاجمات شديدة من رجال الدين عندما كان
المتصوفة يحاولون تجريح آراء رجال الدين أو تعطيل أصول بعض العقائد ، وكانت الغلبة
في النهاية لرجال