في جمعية مكارم الأخلاق الاسلامية فاستقال من وظيفته. وسافر بعد فترة إلى السودان مدرسا في كلية غرودن ، ثم عاد إلى مصر فعين بمدرسة البوليس والإدارة بعد فترة قضاها في المحاماة ، ثم اختير مدرسا بمدرسة دار العلوم إلى أن أحيل إلى المعاش ، ثم عين ناظرا لمدرسة عثمان باشا ماهر وندب مدرسا بكلية أصول الدين. وهو في جميع هذه الوظائف كان الداعي إلى الدين بالبرهان الساطع ، والبيان الناصع ، الواقف لأعدائه بالمرصاد ؛ يرد كيدهم ويبطل سعيهم. وقلما وجد منبر من منابر الدعوة الإسلامية إلا كان الشيخ من أبطاله. وأبرز ما في تاريخ الشيخ اشتراكه في جمعية الشبان المسلمين ، ونهوضه بجزء عظيم من عملها العلمي والإداري عضوا فوكيلا ، ثم سفره إلى الهند بعد بعثة أزهرية لدراسة أحوال المسلمين وغيرهم هناك ، وتمكين الروابط بين مسلمي الهند وطوائفهم ، وللشيخ في التأليف العلمي آثار قيمة : فله كتاب (قصص الأنبياء) وهو كتاب استقصى فيه قصص الأنبياء الذين ورد ذكرهم في القرآن وغيره وجرده مما علق بها من ضلالات وأوهام. وله كتاب «تاريخ الخلفاء الراشدين». وله غيرهما آثار دينية وأدبية وتاريخية ، حفلت بها المجلات والصحف طول حياته (١) ، وتوفي رحمه الله في ١٩ ـ ٧ ـ ١٩٤١.
الشيخ عبد الرحمن الجزيري
كان بعيد الأثر في الاصلاح الديني والتهذيب العلمي. فقد كان مما اضطلع به وظيفة التفتيش على الأئمة والخطباء بمساجد الأوقاف ، في عهد ساءت فيه حال الخطابة الدينية بالمساجد ، وشكا الناس من طريقة إلقائها ، وضيق موضوعاتها ، التي كانت تدور غالبا حول النهي عن السرقة وشهادة الزور وتحريم الربا وشرب الخمر. فما زال الشيخ يلاحظ ويرشد حتى استطاع ان يخرج الخطابة عن هذا المحيط الضيق ، ويجعلها تلمس حياة الناس وما يجري بينهم ، مما ينغص الحياة ويبعد من الله. ثم أحيل إلى المعاش فندب في كلية أصول الدين مدرسا بها تقديرا لعلمه وفضله. وقد
__________________
(١) من كلمه للأستاذ ابي الوفا المراغى ـ نشرت في مجلة الأزهر