واعتقاد المحققين أن العلوم كلها التي منها العقليات التي يدعونها في علوم الأنبياء اجتمعت ، ومنها تشعبت وتفرعت ، وتصديقهم قول الله سبحانه (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) وقوله جل جلاله (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) ، فلو أن أحد الفلاسفة قدم على الرسول عليه الصلاة والسلام ، يسأله عن الملائكة ، والعرش ، والكرسي ، والجنة ، والنار ، وأوضاع شريعته : من صلاتها ، وزكاتها ، وصومها ، وحجها ، وجهادها ، من حيث يدل عليه البرهان العقلي ، أكان يقول النبي صلى الله عليه وسلّم ، لا قبل لي ببرهان ذلك! حاشا لله .. و
قول آخر مأثور عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال «أول ما خلق الله تعالى العقل ، فقال له أقبل فأقبل ، ثم قال له أدبر فأدبر ، ثم قال : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أجل منك ، بك أثيب ، وبك أعاقب» .. فإن كانت الشرائع على غير العقل موضوعها ، فلا ثواب لها ولا عقاب على مقتضى الخبر ، «بك أثيب وبك أعاقب».
معشر المؤمنين : دعو أهل الفرقة والخلاف ، فإنهم أشياع غي بقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) : وتمسكوا في دينكم بالأدلة ، واعرفوا المواقيت بالأهلة ، وأصلحوا أموالكم ، وطهروا سربالكم واحمدوا الله تعالى الذي فتح لكم إلى الحقائق أبصارا والناس عنها عمون ، وكشف لكم حجبا فأنتم في رياضها تتنعمون. واجروا في مضمار التائبين العابدين واستشعروا شعار الراكعين الساجدين. وكونوا دعاة إلى أئمتكم بحسن الأفعال صامتين وقوموا آناء الليل قانتين. جعلكم الله من الذين إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا ، وأوزعكم شكر عارفيه. إذ ألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا. والحمد لله القاهر سلطانه. الباهر برهانه. العظيم شانه. الواسع إحسانه. وصلى الله على محمد المنزل عليه فرقانه. المزلزل للشرك بنيانه. وعلى وصيه مستودع علمه وترجمانه علي بن أبي طالب بيده يد الحق. والناطق بلسانه لسانه. وعلى الأئمة من ذريته المحفوظة بهم حدود الدين وأركانه .. وسلم تسليما ، وحسبنا الله ونعم الوكيل.