نظرة إلى المستقبل
إن ما كسبه الأزهر من هذا الانقلاب في مصايره لا يزال رهن الزمن والمستقبل. ومن سبق القول ـ كما يقول عنان ـ أن نتحدث عن مزايا نظام جامعي لم يتمخض بعد عن آثاره ، ولكنا نستطيع بالعكس أن نقول أن الأزهر الحديث على الرغم من جميع الجهود التي بذلت لإصلاحه منذ نصف قرن ، وبالرغم من تحويله الظاهر إلى جامعة أزهرية ، فقد كثيرا من المزايا العلمية والجامعية الحقيقية التي اقترنت بتاريخه القديم.
فقد اختفى جيل العلماء الأعلام المبرزين في علوم الدين واللغة ممن حفلت بهم حلقاته في أواخر القرن الماضي ، وكانوا بقية أخيرة لذلك الجيل القديم ، من علماء الأزهر الذين وهبوا حياتهم للدرس ، وقد كان الأزهر حتى أواخر القرن الماضي يأخذ بنصيب بارز في تكوين الزعامة الفكرية والقومية ؛ وكان ظهور رجال مثل محمد عبده وسعد زغلول من بين صفوف طلبته ، أسطع دليل على أن هذا المعهد التالد لم يفقد خلال عصور الانحلال والتأخر كل حيويته الفكرية ، ولكن هذه الظاهرة تكاد تختفي اليوم.
وقد فقد الأزهر كثيرا من خاصته الروحية التي كانت تحمل شيوخه وطلابه على التفاني في التحصيل والدرس ، والتعلق بشرف العلم والإعراض عن مغريات الدنيا ، وإيثار التقشف والزهد ، على الحياة الناعمة .. وتحول شيوخ الأزهر في ظل النظم الجديد شيئا فشيئا إلى نوع