الأنصار ، انصروا الله ـ مرتين ـ وسمع بذلك سعد بن مالك ، فأقبل محتجزا قوسه ، ومعه السيف ، فبعث إليهم عثمان : إن كنتم ترون الطاعة والحقّ فاغمدوا أسيافكم وانصرفوا عنّا ، ولا تستقتلوا ، وجاء كثير بن الصّلت عديد بني أمية ، فدخل عليه وقال : لو خرجت فأريت الناس وجهك ، فقد انكسر الناس ، فقال : يا كثير ، رأيتني البارحة وكأني دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو أبو بكر وعمر ، فقال : قد صبرت فلن يدركك المسلمون حتى تقتل ، فارجع فإنّك مفطر عندي يوم كذا وكذا ، [ولن تغيب الشمس ، والله يوم كذا وكذا](١) إلّا وأنا من أهل الآخرة.
قالوا : فوضع القوم [الذين](٢) كانوا في (٣) السلاح ، ثم أقبلوا حتى دخلوا على عثمان ، وغشيه الناس وقالوا : ما رأيك؟ وقالوا له : هلمّ نشر (٤) ونستقتل ، قال : فمن للأمر غدا ، ودّ والله هؤلاء أني عرّضتهم لذلك ، فصرحوا (٥) غدا بما يكنون اليوم ، وإن رأيي اليوم رأيي بالأمس ، فدعوني واخرجوا عني ، فلما جعل لا يأتيه أحد إلّا قال له : الشراء والاستقتال أحبّ أن يجد من يعينه على صرفهم.
وجاء عبد الله بن سلام حتى دخل فقال : يا ابن سلام ، ما ترى في الشراء والاستقتال ، قال : أو أمرت بالصبر إلّا لئلا تستقتل ؛ اصبر فإنا نجدك في كتاب الله (٦) أنك يوم القيامة أمير على القاتل والآمر.
قالوا : ولما رأى القوم أن الناس قد ثابوا إلى عثمان وضعوا على علي رقيبا في نفر ، فلازمه [ورقيبة خالد بن ملجم ، وعلى طلحة رقيبا في نفر فلازمه ، ورقيبه سودان بن حمران ، وعلى الزبير رقيبا](٧) في نفر فلازمه ، ورقيبه قتيرة وعلى نفر بالمدينة ، قال لهم : إن تحركوا فاقتلوا ، وذكر الناس بهم فراسة عمر أيام مرّوا به ، فتردد عن إرسال بهم (٨) ، وجعل يقول : ما مرّ بي قوم من العرب أكره إليّ منهم ، فازداد الناس بصيرة وبهم علما ، ولما لم يستطع هؤلاء النفر غشيان عثمان بعثوا أبناءهم إلى عثمان ، فأقبل الحسن بن علي حتى قام عليه ، وقال : مرنا أمرك ، فقال : يا ابن أخي ، أوصيك بما أوصي به نفسي ، وتأول (وَاصْبِرْ ، وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللهِ
__________________
(١) ما بين معكوفتين زيادة عن م و «ز».
(٢) زيادة عن «ز» ، وم.
(٣) فوقها في «ز» : ضبة.
(٤) الأصول : نشري.
(٥) في «ز» : فصرخوا.
(٦) في م و «ز» : كتاب الله المنزل.
(٧) ما بين معكوفتين مكانه مضطرب بالأصل ، وهذه الزيادة عن م ، و «ز». لإيضاح العبارة.
(٨) كذا بالأصول.