سلطانا لن يزول حتى تزول الجبال ، حتى يتفرقوا فيما بينهم ، فإذا فعلوا ذلك خرجوا عصبة بسواد العراق ، يخرج فيهم أمير العضب (١) لا يوجهون لشيء إلّا فتح لهم ، لا والله لا إله إلّا هو ما أنزل الله في توراة ولا إنجيل ولا قرآن أفضل مما جعل لهؤلاء القوم ، فإن وجدت من العدّة والنشاط فلا تقاتل أحدا أبدا حتى يرى ذلك ، قال : قلت : ألا إن ذلك بعيد ، قال : فو الله ما أراه إلّا قد كان ألا ترى ما كان بين سليمان والوليد ـ فإن أدركته فسوف تراني وإلّا فاحفظ عني ما قلت لك.
أخبرنا أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، أنا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن موسى بن هارون بن الصّلت الأهوازي ، أنا محمّد بن مخلد العطار ، نا أحمد بن منصور ، زاج ، نا النّضر بن شميل ، نا سليمان بن المغيرة ، نا حميد بن هلال ، نا عبد الله بن مغفّل ، قال :
كان عبد الله بن سلام يجيء من أرض له على أتان ـ أو حمار ـ يوم الجمعة ، يذكر ، فإذا قضيت الصلاة أتى أرضه ، فلما هاج الناس بعثمان ، قال : يا أيها الناس لا تقتلوا عثمان واستعتبوه ، فو الله الذي نفسي بيده ما قتلت أمة نبيّها فأصلح ذات بينهم حتى يهريقوا دم سبعين ألفا ، وما قتلت أمة خليفتها فيصلح بينهم حتى يهريقوا دم أربعين ألفا ، وما هلكت أمة حتى يرفعوا القرآن على السلطان ، ثم قال : لا تقتلوه واستعتبوه ، فلم ينظروا فيما قال ، وقتلوه ، فجلس على طريق علي بن أبي طالب حتى أتى عليه ، فقال : أين تريد؟ قال : العراق ، قال : لا تأت العراق ، وعليك بمنبر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فالزمه ، فو الذي نفسي بيده لئن تركته لا تراه أبدا ، فقال من حوله : دعنا فلنقتله ، فقال علي : دعوا عبد الله بن سلام ، فإنه رجل صالح.
فقال ابن مغفّل : وكنت استأمرت عبد الله بن سلام في أرض إلى جنب أرضه أشتريها ، فقال بعد ذلك : هذه رأس أربعين سنة ، وسيكون بعدها صلح ، فاشترها.
فقال سليمان : قلت لحميد : كيف يرفعون القرآن على السلطان؟ قال : ألم تر إلى الخوارج كيف يتأوّلون القرآن على السّلطان.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنا محمّد بن عبد الرّحمن ، نا أحمد بن عبد الله ، نا السّري بن يحيى ، نا شعيب بن إبراهيم ، نا سيف بن
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي م : الغضب ، وفي ز : العضب ، وفي النهاية واللسان : «العصب» جمع عصبة.